لصوص تحت عباءة الإعلام ..والأطباء هم الضحايا
لم يبق شيء في عالمنا بمنأى عن الحداثة. لقد طال التطور معظم مرافق حياتنا، وغيّر الكثير فينا.لم تبق مهنة إلا ودخلها التحديث، لم تبق حرفة إلا وتطورت كي تواكب العصر واستحقاقاته المختلفة.
واللصوص وقطاع الطرق، ليسوا بمنأى عن هذا التطور، بل نستطيع أن نجزم أنهم أكثر الفئات استفادة من الثورة العلمية الهائلة، التي اكتسحت عالمنا المعاصر. لم يعد اللصوص، كما في الماضي، يسكنون الجبال والكهوف والغابات،ولم تعد أشكالهم قبيحة، كما لم تعد ثيابهم رثة.لم يعودوا يحملون السكاكين والخناجر والمسدسات، فكل هذا أصبح من تركة الماضي البعيد. لقد أصبح اللص المعاصر أكثر تحضراً وتطوراً، وصار يتعلم ويعلّم، وبات بإمكاننا مشاهدة اللصوص دائماً، نحدثهم ويحدثوننا، ويحاضرون بنا أحياناً. أصبح لبعضهم صحف ومواقع إلكترونية ومحطات فضائية، وبعضهم يحمل شهادات عليا، ومعظمهم يتبوؤون مواقع هامة. وفي بعض البلدان أصبحوا حكاماً، لهم جيوش تنشر العدل والمساواة والحرية في أصقاع الأرض، ولهم شعوب تهتف بأسمائهم المقدسة. إنهم ببساطة، مهرة يخدعون الجميع.
في بلدنا المبتكر دائماً، عممت نقابة الأطباء على أطباء دمشق، ولا ندري إذا كان هذا يطال المحافظات الأخرى، تحذيراً من لصوص يختبئون تحت عباءة الإعلام، وينفذون مآربهم الجهنمية، وهذا نص التعميم، التحذير:
«كثر في الآونة الأخيرة دخول أشخاص محتالين على بعض عيادات الأطباء، بحجة أنهم إعلاميون، يرغبون بإجراء مقابلات تلفزيونية، مصطحبين معهم امرأة يدعون أنها مذيعة تلفزيونية، ويتخذون صفة مدراء إنتاج، ويحصلون على مواعيد لإجراء تلك المقابلات، ثم يقوم هؤلاء الأشخاص المحتالون بالدخول إلى العيادات الخاصة، حيث تتم عملية سرقتها بعد مقابلة السكرتيرة والطبيب.
لذا يرجى من جميع الزملاء الأطباء أخذ الحيطة والحذر من مثل هؤلاء الأشخاص، والمبادرة فوراً للاتصال بقسم شرطة عرنوس ليقوموا بما يلزم دون لفت الانتباه، حتى يتم إلقاء القبض على هؤلاء المحتالين.. ودمتم باحترام..».
هذا تأكيد على تطور عمل اللصوص بشكل إبداعي، لأن أولئك اكتشفوا اللعبة السرية بين الإنسان ورغباته الفائضة والدفينة بالشهرة.. وربما يكون هذا الأسلوب هو أحد أبسط أشكال تجلياته..
لا تستغرب إذا شاهدت أحد أفراد تلك العصابات يرتدي بذة رسمية، ويحتل مركزاً حساساً ومرموقاً وتتسلط عليه الأضواء، ولا تلمه ولا تحسده على ذلك.. فهو في النهاية: مجرد لص!!