الإنترنت كالسّيف، إن لم يقطعك.. قطعك
توارث الناس فيما بينهم مفهوماً يفيد بأن الوقت يشبه السّيف، رغم انعدام دليل الشبه. لكننا، منذ أكثر من ثماني سنوات، وحتى اليوم، أصبحنا نملك دليلاً (قاطعاً) بأن هذا التشبيه ينطبق على أمر آخر في بلدنا، ألا وهو؛ الإنترنت، فإن خطّ الإنترنت، كالسّيف (بل أشد لؤماً)، سواءً قطعته أم لم تقطعه، فإنه لا محالة، قاطعُكَ!!.
جرّبنا الكثير من أنواع الاتّصال (أو الانفصال) بشبكة الإنترنت، ونعمنا دائماً بتحقيق مالا نريده منها، أما ما أردناه، من حصولنا على معلومة تغنينا في شأننا، أو تساعدنا في ملء وقتنا الضائع، بفائدةٍ أو منفعة، فهذا أمرُ لا نستحقّه، ربما، ولذلك لم ننعم به!!.
لكن لو شاءت بعض الأقدار، وبقينا متواصلين مع أحدِ المواقع، فإن البطء والـ (تعليق)، وأحياناً انقطاع الكهرباء، وزحمة الطريق، وغير ذلك من أقدار معارضة، كانت كفيلةً بإيصالنا إلى حقيقة أن الإنترنت لم تخلق لنا، وأن عصر الاتصالات لم ولن يطرق بابنا!، وأننا بكل بساطة خارج السرب، بل وحتى إننا محكومون أن نبقى رازحين، مع كلِّ ما نملك من قوّةٍ وحول، تحت الضرب، مالم نقدم للسماء بعض الأضاحي كي تفكَّ عنّا هذا الكرب.
ما من شكّ أننا قصّرنا في القرابين، إذ لا يكفي أبداً أن نتحجّج بغلاء سعر الدقيقة، وصعوبة الحصول على أحد أنواع الخطوط السريعة (البطيئة)، ولا حتى بمعاناتنا، ونحن أمام شاشات حواسيبنا، مصلوبين ، لنصل أو لا نصل إلى صفحة لم تمنعها يدُ المازحين، وربما بالغنا في الشتيمة أحيانا، عند انتشاء خطِّ الإنترنيت بقطعنا، وهو خير القاطعين، فلم يعد لدينا بدٌّ إذاً من قربان بشري، عساه يُشبع طمع السماء، ويرضيها علينا.
ونقترح أمام هذه الفاجعة، كحلٍّ ربما يفي بالغرض، أن نقدم كل مسؤولي الاتصالات الشبكية في مؤسساتنا، إلى كاهن المعبد، كقرابين، عسانا لمرةّ، قبل الحساب الأخير، أن ننعم بالوصول إلى ما نريد من معلومات، (زُعم أنها) حرةٌ ومتاحةٌ للجميع!، بعيدين عن أيدي رقابة، لا تميّز بين صالح وطالح، دون البقاء مصلوبين ساعات أمام شاشات حواسيبنا، ودون أن نعاني انقطاع أنفاسنا، مع كلِّ رسالة نرسلها لصديق، وقتَ الضّيق..