فوائد تبليط البحر!..
بلغ التنافس بين شواطئنا وشواطئ الدول المجاورة أشده هذا العام، وأخذ من الأشكال والأبعاد الكثير، وبتنا نصدّر الوصفات السياحية السحرية إلى كل العالم، فقد لامست إنجازات مؤسساتنا السياحية ومالكي المنتجعات والشاليهات سهيل النجوم في عليائها، خاصة بعد أن بلّطوا البحر، وزادوا على مياهه المالحة من مياه الينابيع الحلوة حتى بات بإمكان المصطاف أن يشربها دون قلق من التشردق، وزرعوا في مياهه أشجاراً ظليلة، لحماية المواطنين المصطافين من الإصابة بحروق الشمس، وأزالوا كل قطع الزجاج الجارحة التي كانت تختبئ منذ أيام الفينيقين بين رمال شواطئنا الذهبية، حرصاً على سلامة أقدام أطفال السياح الوطنيين منهم، والمستوردين (إن وجدوا)، ورفعوا الأسعار عالياً، فوق كلّ السقوف والشرفات، وطبعاً، توجوا كل ذلك بوشم ابتسامة (الأهلا والسهلا)، فوق وجوههم التي أتعبها السهر المضني، على راحة الناس، وتأمين متطلباتهم الصيفية، فضلاً عن التخطيط المستمر لقنص أموالهم.
والفائدة انعكست على المصطافين بشكل فاق كلّ التوقعات، حيث صار بمقدور المواطنين، الراغبين بالسفر والتصييف على شواطئ الدول المجاورة، أن يحققوا كل رغباتهم الصيفية، وبأبخس الأثمان، ذلك لأن عروضنا السياحية التي أرعبت الجميع لم ولن تتوقف، مما يهدد الميزانيات السياحية للدول المجاورة بالخطر، ويرغمها على إعادة النظر في تسعيراتها السياحية، وبالتالي تخفيض أسعار كل ما يخطر على البال من خدمات سياحية، وبمقارنة بسيطة نكتشف أن المواطن السوري يستطيع الآن، أكثر من أي وقت سبق، توفير الكثير من المال (التصييفي)، بمجرد (تصييفه) على شواطئ أجنبية، إذ يتراوح إيجار الشاليه العادي في شواطئنا، دون ماء أو كلأ (حاف)، بين (5000 -7000 ل.س) لليوم الواحد، بينما يستطيع المرء، بمبلغ (10,000 ل.س)، أن يقضي وهو ممتلئ البطن، عاري الصدر، سبعة أيام على شواطئ دولة ما (تجاورنا من الشمال)، فما هذا النعيم الصيفي الذي نحن فيه؟!.. وما هذا التطور السياحي الذي بلغناه؟!.. ويا ربّ احفظ لنا هذه النعم، وأدم لنّا مالكي الشاليهات ومحتكري الصيف!.
أمام هذا الواقع الشديد الوقع، لابد من الإشارة إلى أنه لم يعد بإمكان المواطن الموظف الراغب بالاصطياف، إلا أن يكون فخوراً بنفسه وبالصيف، وبمنجزات تجّار السياحة ومن يرعاها، في بلد السياحة الشعبية الأفضل والأسلم والأغلى، والأكثر ابتساماً، في عموم المنطقة!..