في مزرعة نصري اشتباكات وهدم... وغاز مسيل للدموع..

نشرت قاسيون في عددها «318» الصادر بتاريخ 11 آب 2007 تحقيقاً شاملاً حول أهالي مزرعة نصري في جوبر شرقي العاصمة، وطالبت كبار المسؤولين في الحكومة الوقوف في وجه محافظة دمشق التي تنوي اقتلاع الحي من جذوره، ضمن حلقاتها المتكررة في حرب الإخلاءات والهدم على الفقراء.. ولكن لا حياة لمن تنادي..
فقد دأت محافظة دمشق صباح يوم الأحد 2/9 بعمليات الهدم في تلك المنطقة دون إ أي اعتبار للمواطنين القاطنين فيها الذين لم يتركوا باباً ولم يطرقوه لوقف عمليات الهدم، ولكن دون أية فائدة.
قاسيون كانت في موقع الحدث منذ الساعات الأولى من تطويق المحافظة للمنطقة بأسطولها «الجرافات» والشرطة والإسعاف والمئات، بل أحياناً الآلاف من قوات حفظ النظام التي طوقت المكان واستعمرت الأسطح وكأنها في عملية عسكرية أو عرض عسكري..

اشتباكات وفقدان للمسؤولية.
الأهالي الذين وضعوا «ما فوقهم وما تحتهم» لشراء بيت يأويهم، رفضوا الانصياع لأوامر المحافظة بالإخلاء، وكان الكل يداً واحدة مواجهين بصدورهم أطفالاً ورجالاً ونساء وشيوخاً جرافات المحافظة، وحصل الاشتباك.. فقامت قوات حفظ النظام  بإلقاء القنابل الغازية التي حولت المنطقة بأكملها إلى جحيم، وأدى ذلك إلى حالات اختناق في صفوف الكثيرين، ومن بينهم مراسل قاسيون، بالإضافة إلى وفاة أحد الأطفال نتيجة تأخر عمليات الإسعاف وصعوبة الدخول المسعفين..
المحافظ يخالف القضاء
جميع الأهالي أجمعوا بأن هذا القرار المفاجئ والمستعجل من المحافظ كان مخالفاً للقرار القضائي، وأنه أصلاً أي المحافظ أصدر قرار الهدم المباشر نتيجة الدعوى المرفوعة ضده من أكثر من عشر شخصيات اعتبارية ناطقة باسم أهالي المنطقة، وتشير الدعوى بأن وكيل الجهة المدعية قد أقام هذه الدعوى بعريضة أودعها ديوان محكمة القضاء الإداري بتاريخ 16/7/2007 طالباً وقف القرارات بالإنذارات رقم (29586/ص15ق) الصادرة عن الجهة المدعى عليها بتاريخ 11/6/2007 لحين تأمين السكن البديل المناسب..
وبتاريخ 19/8/2007 تبلغت إدارة قضايا الدولة عريضة الدعوى. وبعد أن جرى تداول هذه القضية في جلسات المحكمة واستمعت المحكمة إلى أقوال الطرفين وطلباتهما النهائية قررت بجلسة 22/8/2007 حجز القضية للحكم وتعيين جلسة للنطق به.
ومن حيث أن الإدارة المدعى عليها تبلغت عريضة الدعوى ولم تجب عليها رغم إفساح المجال أمامها لذلك ومن حيث أن المحكمة بما لها من حق التقدير بموجب القانون وجدت دون مساس بأساس الدعوى بأن شرطي وقف التنفيذ وهما جدية الطلب وترتب نتائج يتعذر تداركها عن تنفيذ لتدبير المشكو منه متوافران في الطلب.
فلهذه الأسباب حكمت المحكمة بما يلي:

1 ـ وقف تنفيذ القرارات المشكو منها بصورة مؤقتة وإلى حين تأمين مسكن بديل أو البت بالدعوى أيهما أسبق.

2 ـ إعادة مصروفات الطلب لمؤديها.

3 ـ إحالة القضية إلى السيد مفوض الدولة لتحضيرها صدر وتلي علناً في تاريخ 16/8/1428هـ الموافق 29/8/2007، أي أن المحافظ خالف القضاء الإداري وقرار المحكمة بعد ثلاثة أيام فقط من صدوره، والسؤال المهم أيهما أعلى سلطة المحافظ أم سلطة القضاء ومجلسها التي تنتهي فيها الخصم والحكم.

تداعيات خطيرة
إن  بلدوزرات مجالس المحافظات وعلى مدار السنة الأخيرة، تقوم بحملات الهدم في عموم البلاد من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب بصورة تدعو للريبة. وفي العاصمة: تستشرس المحافظة بالهدم من المزة إلى شارع الملك فيصل ومن القرماني إلى جوبر، ومن دويلعة إلى حي الحمراوي، فلماذا هذا الاندفاع؟؟؟