لا عينٌ تَرى.. ولا قلبٌ يَخشع!..
تنهال المعدات الآلية الثقيلة الوزن على شارع ما مهدمةً له، بحجة التمهيد لتزفيته، لتنتقل هذه الآليات فجأة إلى شارع آخر وتذيقه لوناً مماثلاً من التكسير والتحفير، بعيداً عن كل ألوان الإنشاء والبناء أو إعادة التعمير!
هذا واقع شوارعنا، اللهم باستثناء شارع واحد وساحة واحدة هي (ساحة المالكي)، فعلى الرغم من نضارة الـ«زفت» هناك، إلا أن أعمال الصيانة الدؤوبة تجاهد بين الفترة والأخرى في رعايته وتقليم شوائبه المعدومة، مقارنةً بأماكن أخرى كثيرة، وكأن هذه الساحة تستطيع اختصار كل شوارع البلد وساحاتها كونها (ربما) التقاطع الوحيد الذي يمر منه كل أغنياء دمشق وضيوفهم ومن لفّ لفّهم! ناهيك طبعاً عن ظاهرة الهدر الغريبة بحجة إنارة الشارع بينها وبين (ساحة الأمويين) وما تخلفه من أسئلة عن ضرورات هذا النوع من الإنارة والمستفيدين منه إن وجدوا!.
إن مسلسل الحفريات الذي لا ينتهي في شوارع دمشق وسائر المحافظات السورية بات أشد وقعاً على القلوب من كل الإنتاج المسلسلي الذي باغتنا في رمضان، وقد تحتاج عملية دوبلاجه إلى لغة أخرى (مكسيكية مثلاً) سنين طويلةً وجهوداً إنتاجيةً شديدة الضخامة، وباتت ألوان الأرصفة وتقليماتها الشغل الشاغل للمحافظين تباعاً، مما وضعنا أمام كرنفال أرصفة تتنافس فيما بينها بنوع البلاط ولونه تارةً، ومدى ارتفاعها واتساعها تارةً أخرى، والحفر تبقى عروس الطرق، إذ لم نعهد درباً واحدةً (منذ أيام الصرف الصحي) إلا وللحفر فيها مكان أو أثر واضح، وعليه فإن السؤال يكبر عن الهدف المرتجى من عمل الآليات اليومي (النهاري) في شوارع المدن، لاسيما وأنها تساهم دائماً (غير مشكورة) برص صفوف السيارات على شكل ازدحامات واختناقات مرورية عجائبية..
وبالعودة إلى ساحة المالكي وحراسها الأكارم الذين نظموا السير فيها بنظرات من عيونهم فقط فسار كلٌّ سعيداً إلى سبيله! نسأل؛ إلى متى ستبقى شوارعنا مباحةً لكل أنواع الدمار السنوي الشامل بحجة التمديدات والصيانات التي لم تثبت إلى الآن جدواها؟! وهل سنبقى عرضة لأهواء المحافظين في تحديد لون الأرصفة عاماً بعد عام؟! أم أنها مجرد شدّة وتزول؟!..