وسيم الدهّان وسيم الدهّان

قانون لا يمكن الالتفاف عليه

«التراكم الكمي يؤدي إلى تغير نوعي» حقيقة موضوعية لا تقبل النقاش، ومثلها حقيقة تزايد القمامة في الأحياء والشوارع الكفيلة بتحويل هذه الأماكن إلى حاويات كبيرة الحجم، لتتحول المدينة كلها بعد ذلك إلى شيء لا نرغب بتسميته لشدَّة سوئه، ومن جهة أخرى، فإن التناقص الكمي في الجهود المبذولة لتخليص الشوارع والأحياء من النفايات المتراكمة، سيدفع بهذه النفايات إلى التخلص من السكان عبر ما ستنشره من أمراض نفسية وجسدية لا يمكن حصرها، كما أن التجاهل المستمر لظاهرة من هذا النوع سيبعدنا حتماً عن درب التحضر السكاني والإنساني على حد سواء..

لقد اعتدنا تناول الأزمات في ذرواتها، أي بعد وقوعها ومعاناتنا لها، لكن أزمة كأزمة القمامة لا يمكن تجاهلها إلى أن تصبح واقعاً معاشاً يهددنا في صحتنا وتوازننا النفسي، وليس خفياً أن معظم أحيائنا، خاصة الفقيرة منها، تعاني من هذه الظاهرة، والتي باتت تشكل مصدر إزعاج حقيقي، بل ومصدر مرض للمواطنين وأطفالهم..

تتموضع الحاويات الصغيرة على أرصفة الشوارع أو في زوايا الأحياء، ونادراً ما تبقى هذه الحاويات فارغة لأكثر من نصف ساعة، مما يدفع بالمارة إلى ذلك الشعور بالقرف من المشهد، ويسيء إلى مشهد المدينة العام، لاسيما القسم القديم من المدينة (دمشق القديمة) التي يتوجه إليها السائحون يومياً بقصد الاستمتاع بما تحمله أزقتها من نواضر الورود وروائح الياسمين، فيتفاجؤون بمزهريات من نوع آخر، مزهريات تملؤها القطط الباحثة عن بقايا الطعام بدل الورود، وتفوح منها رائحة المرض والعفن بدل الياسمين..

كانت دمشقنا (وسنسعى أن تظل) عنواناً للحضارة والرقي، لكن تزاحم السكان فيها سيحولها لا محالة، إلى سيرك بشري غريب الملامح، وإذا لم تركز الحكومة جهودها باتجاه المحافظة على نظافة الأحياء ونضارتها، فإن القادم لابد أن يكون أسوأ مما سبقه، وسينعكس على المظهر العام للمدينة، وعلى صحة سكانها النفسية والجسدية..

ونهايةً، يجب أن تأخذ الحكومة بعين الاعتبار أن حقيقة مثل التراكم الكمي الذي يؤدي إلى تغير نوعي، تطال كامل الموجودات في الطبيعة لأنها بكل بساطة قانون طبيعي لا يمكن الالتفاف عليه!.