صفر بالسلوك قلبي ومفتاحه
وهو ليس كباقي المفاتيح، فهو مفتاح المسؤول، هو الشيفرة التي تفك جميع الأسرار، والعتبة الأساسية والأخيرة للوصول إلى المسؤول، على اعتبار أن الوصول إلى المسؤول في بلادنا هو من أصعب الأمور وأعقدها، فإذا وضعوا شخصاً في منصب معين يتحمل فيه مسؤولية كذا وكذا..
فإنه بالتالي سيصبح مسؤولاً عن هذه الكذا والكذا.. وعلى اعتبار أنه أصبح مسؤولاً عن هذه الأشياء الكذايات فلا بد من أن هناك أحد ما يسأله، والأسئلة التي ستوجه له ستكون شديدة الأنواع فمنهم من سيسأله على شكل استفسار، ومنهم من سيسأله على شكل استجداء، ومنهم من سيسأله على شكل طلب للمساندة ومنهم من سيسأله الرحمة به والرأفة بعياله، ومنهم سيسأله منتظراً الجواب.. أي جواب مو مشكلة، ومنهم من سينتظر جواباً مقنعاً فإذا لم يسمعه هذا المسؤول فإنه بالتالي سيحمله المسؤولية عن فشل كذا وكذا.. و باقي الكذايات الفاشلة التي تغص بها حياتنا السعيدة، ولعلنا باستنتاجنا وذكائنا سنعرف أن المسؤول شخص عليه عجقة كتير، وبالتالي فمن الطبيعي أن يسارع إلى وضع حاجز، بينه وبين الناس، اسمه مدير المكتب، وهذا المدير على الرغم من أنه حاجز أو حاجب فإنه بالوقت نفسه مفتاح، فهو الداء والدواء، تماماً كما تفعل شركات الأدوية الكبرى في العالم بأن تخترع دواءً ثم تضطر لأن تخترع له داءً كي يتم تسويق هذا الدواء، ومدير المكتب في بلادنا هو دواء صنع لداء لا وجود له، مما اضطره لأن يكون هو الداء، وهذا التوضيح هو فقط لمجرد الطلب منكم بأن لا تظلموا مفاتيح المسؤولين، فهذه هي وظيفتهم وهذه هي مهمتهم، فترى مفتاح المسؤول يوصل كل أفكاره إلى المسؤول على أنها أفكار الناس ومطالب الناس، بينما هي أفكار ناس يخصون المفتاح من أقارب وعقارب وأصدقاء وجيران وأشخاص مهمين على اعتبار أن الأشخاص المهمين يستطيعون أن يكونوا بقواهم المتنوعة أقرباء لكل الناس، وتفشل المشاريع لكن المسؤول لن يعرف أنها فاشلة بل سيعتقد أنها حازت على إعجاب الناس كما قال له مدير مكتبه، فإذا سمع كلمة انتقاد من أحد ما اعتبرها مذمة من ناقص لا أكثر ولا أقل، وتمضي الأيام وتأتي الأيام فتقول أن المشاريع التي أقيمت في عهد المسؤول فلان كذا وكذا وكذا، بينما الأصح أن تقول أن المشاريع التي أقيمت في عهد مدير مكتب المسؤول الفلاني كانت كذا وكذا، وهنا يتضح أن مفتاح المسؤول جندي مجهول أيضاً ومأكول حقه إلى أن يطير المسؤول ويبقى هو حاجزاً ومفتاحاً لمسؤولٍ جديد سيهرع إليه بداية استلام منصبه ويفهم منه الأوضاع فيفهمه إياها، ويتابعان على نفس المنوال فيندهش الناس ويقولون في قلوبهم سبحانك يا رب تغير المسؤول بس ما تغير شي؟!.. وكان الأجدر بها أن تسأل هل تغير مفتاحه معه، فإذا لم يتغير مفتاحه لن يتغير شيء، لأنو السر بالمفتاح وليس في الباب، وبالطبع فإن المفتاح سيدهلز للمسؤول ويدخل عليه بنعومة وسلاسة ويطرقه عبارات مديح لم يسمع ببراعتها من قبل، كما سيطرب للتعظيمات التي ستطال شخصه من قبل مفتاحه وحاجبه بآن معاً، وسيردد قصائد الولاء المطلق حتى تصبح ثقة المسؤول به عمياء، عندها تمضي الأمور على هوى الأمورة أو الأمور لأنو من الممكن أن يكون مفتاح المسؤول سكرتيرة حسناء، فتراها تقسم وتجمع وتطرح.. وتضرب إذا لزم الأمر يميناً وشمالاً غير آبهة بشيء، بل وتفرض على الناس الخوات أو الهدايا أو المقايضات أو المبادلات عبر أوراق تتحدث بكل اللغات، فترى يا صاحبي المسؤول ومفتاحه يعيشان في القصور والفيلات ويتسوحان في أوربا الغربية للنساء، والشرقية للرجال، والسكي والديزني لاند للأولاد، والكازينوهات لمحبي الميسر وباقي أرجاس الشيطان، أما نحن فنتحول إلى أصحاب كلمات، أقل ما يقال عنها أنها فارغة وأكثر ما يقال عنها.. أنو.. علاك بعلاك، وطبعاً بنستاهل لأنني شخصياً من محبي ومريدي أبو علاك، لأن في أبو علاك الممنوع من الصرف من الصفات ما هو أحمد من المفتاح ومسؤوله في هذه الحالات، عن جد إنني في هذا الزمن أميل إلى تمجيد أبو علاك.