البوكمال والقانون
عندما أقدم أحد المواطنين على إقامة مجمع تجاري في أرض زراعية، وقام بقطع بعض الأشجار، وتحويل هذا البستان إلى كتلة إسمنتية على شكل كراج، محاط من داخله بعدد من المحلات، وقد كُنا من أوائل المعارضين لهذا المشروع، عبر جريدتنا «قاسيون»، وكتبنا الكثير عن ذلك، ومع ذلك فقد أصم رئيس مجلس مدينة البوكمال السابق أذنيه و«طنش»، وكذلك فعل محافظ دير الزور، وكأن الأمر لا يعنيهما، لا من قريب ولا من بعيد، وتم إكمال المشروع و«على عينك يا تاجر»، مخالفين بذلك ومتجاوزين كل الأنظمة والقوانين، آخذين بالمثل القائل: «اللي يزعل يزعل، واللي ما يزعل يضرب رأسه بالحيط».
الآن، وبعد أن أصبح هذا المشروع أمراً واقعاً، وتحصيل حاصلٍ، وبعد أن تفاقمت الأزمة المرورية بسبب باعة الخضار والفواكه في الساحة العامة، التي لا تبعد عن المكان أكثر من /150/متراً، حاول مجلس مدينة البوكمال ومكتبه التنفيذي، استثمار هذا المجمع بالاتفاق مع مالكه، بغية حل أزمة السير، وإنشاء سوق حضاري للخضار والفواكه، كون العقار يحتوي على أكثر من ثمانين محلاً، فوافق صاحب العقار، وأعطى البلدية مدة ثلاثة أشهر مجاناً، وأجرة المحل بعد ذلك لا تزيد على خمس وعشرين ليرة سورية يومياً، ومن حق البلدية تأجيرها بالسعر الذي تريد، وتم طرح هذه الفكرة على محافظ دير الزور، فجاء رده بعدم الموافقة، بحجة أن المكان غير مرخص.
والسؤال هنا: هل باعة الخضار يملكون التراخيص؟! لا، فأكثرهم من أصحاب العربات المتنقلة، وإذا كان المقصود ترخيص البناء، فلماذا تم غض النظر عن ذلك، وبعلم رئيس البلدية السابق والمحافظ أيضاً؟!
أهذا تناقض وازدواجية في الموقف، أم أن هناك غايات ودوافع أخرى؟! فقد نشرت إحدى الصحف المحلية، في بداية هذا الشهر، عن مشروع مماثل في محافظة الحسكة، وقد تم استثماره بشكل مدروس من المحافظة، وهذه خطوة جيدة ساهمت في حل عقدة وأزمة مرورية مزمنة. فهل القانون في الحسكة مختلف عن القانون في البوكمال؟!! أم أن القانون هو القانون في أية بقعة من أرض الوطن؟ أم أن لكل محافظ قانونه الخاص به؟! إذا كان كذلك، فليعلنها صراحةً، إذ لابد أن يسري القانون على الجميع، مهما كانت المبررات، لتبقى كرامة الوطن والمواطن فوق كل اعتبار.