البوكمال.. واقع بائس للكهرباء

واقع الكهرباء على مستوى البلاد على درجة كبيرة من السوء والتردي، لكنه في محافظة دير الزور أكثر سوءاً وتردياً، وخاصة في مدينة البوكمال التي تكاد الشموع والفوانيس فيها تتفوق على إطلالة الكهرباء الشاحبة والمقطوعة الحيل..

فضعف التيار الكهربائي الواصل إلى المشتركين في مدينة البوكمال والذي يكاد لا يصل لأكثر من/150ـ160/ فولت من/220/ يجبر كل مواطن في هذه المدينة النائية حقاً على تركيب جهاز تنظيم للتيار، مما يؤدي إلى الاستهلاك الكبير من هذا التيار حيث يصل لأكثر من /10000/ شمعة نتيجة ضعف الآمبير.
صحيح أن هذه المنظمات باتت تستعمل بشكل واسع في جميع أنحاء القطر، لكنها في دير الزور وخاصة في مدينة البوكمال موجودة في كل بيت بسبب ضعف التيار، فما من منزل إلا واحترقت معظم أجهزته الكهربائية من برادات وغسالات ومعدات وتلفزيونات إلى آخر القائمة، حتى وصل الأمر بأهالي البوكمال، وخاصة ذوي الدخل المحدود منهم، أن يفكروا بإقامة دعوى جماعية إلى القضاء على وزارة الكهرباء نتيجة تزايد خسائرهم..
إن هذا الواقع المؤلم يتطلب إحداث خطوط جديدة قادرة على التحمل العالي، وتقسيم الخطوط وتجزئتها، وإنشاء مراكز تحويل جديدة في دير الزور والبوكمال والميادين والعشارة، إضافة إلى إيجاد محطات توليد قريبة ذات استطاعة كبيرة، حيث لا يوجد سوى محطة (اليتم) باستطاعة /120/ ميغاواط، والتي لم تعد قادرة على تغطية التوسع والنمو الديمغرافي في المحافظة.
وما يقلق المواطن أكثر من ذلك التراكم الموجود على ذمته من ضرائب (جبايات) والتي يعود سببها إلى فترة ماضية، سببها عدم انتباه المدير العام السابق لشركة كهرباء دير الزور إلى هذه الناحية، والتي تشكل الآن عائقاً كبيراً بالنسبة للمواطن والشركة على حد سواء، فلم يعد أمام شركة الكهرباء إلا التحصيل الفوري لهذه الأموال حرصاً منها على المواطن قبل أن يبدأ العمل في السعر الجديد لشريحة الكهرباء، وقد أبدى مدير عام شركة كهرباء دير الزور استعداده لتقسيط هذه الذمم بالاتفاق مع المشترك شريطة التزامه بهذا الاتفاق.
أمام هذا الوضع الذي تعيشه مدينة البوكمال بشكل خاص وباقي المحافظة بشكل عام، فإننا نجد بارقة أمل من خلال اندفاع السيد المدير العام لشركة كهرباء دير الزور للعمل ولامتلاكه تصورات أقرب إلى الحقيقة منها إلى الخيال، فهو العارف على ما يبدو (البير وغطاه)، ناهيك عن التعاون بينه وبين أغلب مهندسي الشركة وعمالها وهذا أحد مقومات النجاح إذا مالقي الدعم اللازم من الجهات الوصائية العليا. ولكن هذا يعني أنه لاتوجد بعض المنغصات أو العقبات نتيجة لاختلاف الرؤى بين هذا المدير أو ذلك وبين تلك الجهات الوصائية العليا.
بقي أن نشير إلى أن شركة كهرباء البوكمال بحاجة ماسة اليوم إلى آليات ومعدات، وخاصة الروافع, كما أنها بحاجة إلى تعيين عدد من المؤشرين والجباة ومحاسبة المقصرين منهم وخاصة المؤشرين الذي يعتمد البعض منهم على مبدأ التقدير في التأشير دون أن يفحص العداد.
أخيراً، لا بد أن تأخذ وزارة الكهرباء أو رئاسة الوزراء بعين الاعتبار طبيعة المنطقة الشرقية من حيث المناخ، فالحرارة صيفاً لا تطاق، والبرد القارس والجاف شتاءً لايقاوم، وفي الحالتين هناك استهلاك كبير للطاقة الكهربائية، الأمر الذي يتطلب مراعاة أكبر واهتماماً خاصاً، فكما أنَّ المنطقة الشرقية بشكل عام تعتبر نامية اقتصادياً وتعليمياً، فهي مظلومة كهربائياً ومطلوب رفع الظلم عن سكانها، وفي ذلك صون لكرامة الوطن والمواطن التي هي فوق كل اعتبار.