عمر العابو عريس الشيوعيين في عرس الشهداء
كان عرساً وطنياً بامتياز في مدينة الباب.. وحّدتنا فيه المقاومة اللبنانية الباسلة، لكنه ليس العرس الأول، بل هناك شهداء الاستقلال وحرب تشرين ومع المقاومة الفلسطينية الشهيد لؤي القصاب بن أحمد رسول.
كان وصول رفات الرفيق عمر أحمد العابو، ضمن جثامين الشهداء والأسرى في صفقة التبادل بين حزب الله والعدو الصهيوني بما سمي عملية (الشيخ رضوان)، جاء مع عميد الأسرى العرب الرفيق سمير القنطار ورفاقه وعروس المقاومة الفلسطينية الشابة دلال المغربي والمناضلين العرب.
لم يكن عمر شهيداً لنا فقط، فقد قام بتنفيذ عملية بطولية مع اثنين من رفاقه في الجبهة العربية لتحرير فلسطين داخل الأرض المحتلة في نيسان عام 1991، حيث أبلوا بلاءً حسناً بمواجهة قوات العدو الصهيوني واستشهد الثلاثة معاً، مما يدل على وحدة القضية والإصرار على التحرير. هذه اللغة التي يفهمها العدو، وليس لغة الحوار والاستسلام.
ولد الرفق عمر في مدينة الباب عام 1969 في كنف أسرة فقيرة، والده كان يعمل فلاحاً في أرضه المتواضعة وأولاده يساعدونه بها، هذا الفلاح البسيط قدم بهدوء وصمت فطري عطاءٍ بمخزون وطني إلى الجامعة السورية طبيبين ذوي اختصاصات. وهم من خيرة الأطباء نجاحاً بالعمل وسلوكاً وأخلاقاً، ضمن هذا البيت تربى الشهيد عمر..
عرفت الرفيق الشهيد عمر من خلال أخيه الرفيق سعيد، حيث كان سعيد طالباً في الثانوية العامة، نشيطاً مثقفاً ملتزماً بكل معنى هذه الكلمة.
عملنا معاً بمنظمة اتحاد الشباب الديمقراطي مع مجموعة من الشباب المناضل، حيث استطاعت تلك المجموعة أن تنهض بمنظمة الشباب بشكل لم تشهده المنظمة بتاريخها.. أذكر منهم (عبد القادر حاج علي وأخيه رشاد ورضوان شمو وجعفر نعساني). مع اعتذاري لبقية الرفاق، حملوا قضية الفقراء المحرومين دون تردد. وقد كان الشهيد عمر هادئاً، قليل الكلام، يجب المعرفة، يريد التعلم بسرعة، مدخراً المعلومات الطبقية حتى أصبح صوفياً في الوطنية دون أن ندري، ليجسد الشهادة لكل المناضلين في العالم، ويشعل الحماسة الثورية في نفوسنا من جديد، بعد الانهيارات العالمية للحركة الثورية.
نلتف حول رفاتك يا عمر، أنت المستقبل للشباب الوطني، الذي بدأ ينهض من جديد على صوت بندقيتك وبندقية المقاومة الوطنية والإسلامية والفلسطينية، حيث تجمع حولك الذين أحببتهم عن قرب وعملت معهم، فكان عرساً شيوعياً جمع الطيف الشيوعي كله، حتى التاركين وجميع القوى الوطنية والدينية، إنه عرس وطني لم تشهده تلك المدينة منذ حرب عام 1973 التحريرية. نعم تحققت وحدة الشيوعيين السوريين دون قرارات قيادية وفوقية، تحققت على الأرض كما نريدها وحدة لكل الفقراء والمحرومين، نريدها لكل القوى السياسية الوطنية الأخرى.
المقاومة تزداد صموداً ياعمر، وتحقق الانتصار تلو الانتصار، وكما قال قائد المقاومة سماحة السيد حسن نصر الله «زمن الهزائم ولى». في العراق ولبنان وفلسطين، إن الرصاص الإمبريالي المتوحش الذي اخترق صدوركم أنت ورفاقك يرتد عليهم بثبات المقاومين ضد المشروع الإمبريالي الصهيوني الرجعي العربي، الذي يتآمر على المقاومة الباسلة.
زمن الكلام ولى ياعمر، فنم قرير العين أنت ورفاقك الشهداء العرب، لقد وحدتم الدول العربية وكسرتم الحواجز التي صنعها العدو، ووحدتم التراب بالدم من فلسطين إلى المغرب.. هذا طريقكم أيها الشهداء، وهو طريقنا ومصيرنا.
■ عبد الله الراغب