فضيحة في جمعية «منية يحمور» الفلاحية؟!
يبدو أن خطورة الفساد تعدت بعض الأشخاص، ولم تعد محصورة في مجموعة هنا وأخرى هناك، بل أصبحت ثقافة متداولة عند شرائح مختلفة في مجتمعنا، عمودياً وأفقياً، وأصبح وباء الفساد يتنقل في جسد بلدنا بحرية، حتى بات كالإخطبوط يحتاج إلى تضافر جميع الجهود المخلصة من أجل القضاء عليه، أو على الأقل، للحد من نتائجه الخطيرة على الاقتصاد والمجتمع..
والموضوع الذي سنتطرق إليه في هذا الإطار، هو واحد من عشرات القصص التي نسمعها ونقرؤها عن الفساد المنتشر بكثرة في المنظمات الشعبية، وهي التي وجدت من أجل تلبية مصالح المنتسبين إليها، لكن معظمها أصبح يفعل العكس..
إن الاتحاد العام للفلاحين هو منظمة أساسية في هذا البلد الحبيب، وقد أثبت في كل المناسبات أنه تنظيم فاعل ووطني، يحرص على خدمة الفلاحين والانتصار لهم، لكن يبدو أن الفساد يزداد وينتشر في بعض مفاصله، لدرجة يصف فيها الفلاحون الذي يحصل لهم بين الحين والآخر بأنه حرب علنية عليهم، تقوم بها شريحة من البيروقراطيين الذين ضربوا بعرض الحائط كل مبادئ التنظيم الفلاحي، بل وحتى القيم الوطنية التي تربينا عليها طويلاً..
ودخولاً في الموضوع نورد القضية التالية:
تلقى أعضاء جمعية «منية يحمور» الفلاحية في طرطوس، صفعة صاعقة عندما علموا بأن في ذممهم مبالغ مالية كبيرة يتوجب عليهم دفعها للمصرف الزراعي تزيد عن تسعة ملايين 9 مليون ل.س، المفاجأة هذه حدثت بعد وفاة رئيس الجمعية السابق، إذ ذهل الأعضاء بأن قروضهم لم تُسدد، بل وتضاعفت ثلاث أو أربع مرات، والسبب أن هناك تراكماً مستمراً منذ أكثر من عشرة أعوام مع الفوائد على المبلغ الأصلي دون أي سابق إنذار من المصرف طيلة هذه الفترة؟! علماً أنه صدر مرسوم من الرئيس الراحل حافظ الأسد بإعفاء الفوائد المتأخرة بشرط دفعها، وقد دفع الكثير من الأعضاء تلك الأقساط وأخذوا براءة ذمة وإيصالات تثبت دفعهم لها..
والآن، يؤكد رئيس الرابطة والمحاسب للفلاحين بكل بساطة: «ستدفعون المبلغ المترتب عليكم، فنحن لا نعترف بتلك الإيصالات، وعليكم ملاحقة رئيس الجمعية المتوفى»؟! ويشتكي الفلاحون المظلومون دون جدوى: «كيف نلاحق شخصاً ميتاً!! ألستم منظمة فلاحية مسؤولة عنا»؟!
ولكن الأخطر من ذلك ليس مضاعفة المبالغ مع الفوائد للمدينين، بل إن السؤال كيف يدفع الأعضاء مبالغ طائلة وهم بريئو الذمة؟
الفلاح (م.س) يقول: لدي إيصالات كاملة عن المبلغ الذي دفعته، ولكنهم لا يتعرفون عليه، وقالوا لي بكل صراحة: أنتم متكافلون متضامنون وستدفعون وأنتم راضون!!.
ويقول الفلاح (ن.ع): إنني قطعت علاقتي بالجمعية منذ عام 1987، ومعي براءة ذمة سمحت لي بتطويب أرضي بعد ذلك، فكيف جاءني مبلغ /53/ ألف ل.س لا أعرف؟ ألا يكفي غلاء المواد الزراعية وارتفاع المحروقات حتى يأتينا النصب والاحتيال من الجهة التي يفترض بها حماية حقوقنا؟ إنني أؤكد أن هناك تزويراً وتلاعباً فاضحاً بالسجلات وتواريخ القروض الممنوحة، لأنهم استخدموا تواقيع سابقة لنا على جداول انقضى عليها أكثر من عشر سنوات، وأنا بريء الذمة، وقد ضعنا بين رئيس الجمعية والمحاسب والرابطة والمصرف.
ويتساءل العضو (م.ب): كيف ندفع مبالغ مالية لا نعرف من أين أتت؟ وكيف لم نستلم إنذاراً واحداً خلال عشر سنوات؟ إنني أؤكد بأن هناك تلاعباً مقصوداً..
ويؤكد فلاح آخر رفض ذكر اسمه بأن وفاة رئيس الجمعية كانت المدخل لعملية التلاعب هذه، وإن المتلاعب ليس رئيس الجمعية، بل شبكة متكاملة وجدت ثغرة لكي تضع الأعضاء تحت الأمر الواقع، وهؤلاء يعدون أنفسهم مدعومين ولن نستطيع التأثير عليهم والشكوى لله؟!
نصب وتزوير فاضح
الفلاح (ف.ع) تحدث غاضباً عن التزوير الذي تعرض له علناً، فقال: فوجئت بتبليغي بضرورة دفع مبلغ /17/ ألف ل.س متأخرة على المصرف، فكيف يفرض عليّ مبلغ، وأنا لست عضواً بالجمعية أصلاً، وأنا من قرية مجدلون البحر المجاورة؟؟ ويتابع: لقد ذهبت للاتحاد لأستفسر، فوجدت طلب انتساب غيابياً لا توجد عليه بصمتي ولا توقيعي؟ لقد نسبوني غيابياً لاستغلال اسمي، وأنا اشتكي لهذه الجريدة المحترمة ليس من أجلي، بل من أجل الآخرين الذين وقعوا ضحية الفساد والتزوير. وإننا نطالب الجهات المسؤولة بالتدخل فوراً للتحقيق بهذا الأمر الخطير لكي يحاسب جميع المتورطين في هذه العملية، وإننا نؤكد بأن هناك تحايلاً وتزويراً وتلاعباً بالتواريخ، واستخدم المزورون تواقيع سابقة للأعضاء بمبالغ مضى عليها أكثر من عشرين عاماً لأن هؤلاء الفاسدين أصبحوا يتاجرون بفلاحنا الطيب لدرجة فاقت الوقاحة..