يامن طوبر يامن طوبر

قرى الغاب النموذجية.. خرائب نموذجية!

الغاية من إحداث القرى النموذجية في منطقة الغاب هو الحفاظ على الأراضي الزراعية الخصبة، وحل مشكلة السكن بإنشاء تجمعات سكنية منتظمة سهلة التخديم، مع ما لذلك من أهمية في توفير الخدمات وسهولة الوصول إليها، وهذا ما بُدِئَ العمل به منذ أكثر من ربع قرن، إذ جرى تخطيط القرى النموذجية، وتم شق الطرقات وتعبيدها خارج الأراضي الزراعية في طرفي سهل الغاب الشرقي والغربي، وعملت الجهات المنفذة على تجهيز البنية التحتية حتى مراحلها الأخيرة من تمديد أنابيب مياه الشرب وشبكة الكهرباء وأعمدة الإنارة في الشوارع الرئيسية، إلا أن سوء التنفيذ حال دون استلام البلديات لهذه القرى النموذجية، وهكذا مضت كل هذه السنوات بين أخذ ورد بين الجهة المنفذة والبلديات، إلى أن تخربت الأعمال المنفذة من شبكات المياه والكهرباء .

هذه القرى التي وزع عدد من مقاسمها مجاناً على المواطنين، بقي جزء آخر منها لم  يتم توزيعه حتى الآن، ولعله من المفيد العمل بالمقترح المقدم لوزارة الإدارة المحلية والبيئة بإنشاء أبنية سكنية ضمن القرى النموذجية في منطقة الغاب وفق نظام سكني برجي بهدف منع الزحف العمراني على الأراضي الزراعية؛ وبذلك يحصل أكبر عدد من المواطنين على مسكن، إلا أنه يخشى أن يصاب هذا المقترح بعدوى الإهمال كأمثاله من المقترحات الصائبة في بلد أصبحت مثل هذه المقترحات آخر هموم التشريعات والقوانين.
ويأمل سكان القرى السهلية أن يوزَّع عليهم ما تبقى من مقاسم القرى النموذجية، نظراً لقلة المساحات المنظمة المخصصة للبناء في قراهم، وحتى لو توفرت أراضي البناء فهناك من المعوقات ما يكفي لعدم حصول المواطنين على تراخيص البناء، وبخاصة بعد صدور المرسوم رقم 59 لعام 2008، والبلديات تمنع البناء قبل الاستملاك، ولكنها لا تستملك لتملك المواطنين.
مع ذلك لابد من حل مشكلة الخدمات من كهرباء ومياه و هاتف وصرف صحي لمن سكنوا هذه القرى النموذجية، والنموذج هنا قرية شطحة النموذجية، إذ كيف للبلدية أن تمنح تراخيص البناء وتتقاضى من طالب الترخيص مبلغاً يتراوح بين 5000-10000 ل.س حسب مساحة البناء لقاء حصوله على الترخيص، وبعد ذلك تتنصل من مسؤوليتها بتقديم الخدمات المناط بها، وأنها لم تقم باستلام المشروع بشكل نهائي بعد؟؟. والسؤال الذي نقله لنا المواطنون الذين التقيناهم هو إذا لم تكن هذه مسؤولية البلدية فمسؤولية من إذاً؟ ومطالب المواطنين وشكاواهم المتتالية وصلت إلى كل مطرح يمكنها أن تصل إليه، ولكن لا أحد من المعنيين بالأمر قام بشيء يذكر فيما يخص هذه المطالب، فقد تكررت المطالب لتتساوى مع الصدود، ولكن دون أية خطوة للأمام.. مع وصول عدد طلبات الاشتراك بالكهرباء إلى 150 طلباً، وفي كل مرة يراجع فيها المواطنون للحصول على حقهم باستجرار الكهرباء، يأتيهم الجواب: «عليكم الانتظار حتى وصول حوالة قيمة البنى التحتية من الجهة المنفذة للقرية النموذجية».. ويرى المواطنون أنه طالما مضى أكثر من عشرين عاماً ولم تصل هذه الحوالة، فهي بالتأكيد لن تصل أبداً إن بقيت الحال على ما هي عليها.. وفي آخر مرة يراجع فيها المواطنون مؤسسة الكهرباء أبدى العاملون فيها استعدادا للمساعدة، ولم تكد تنفرج أسارير المراجعين حتى علاها الكمد، فقد قيل لسكان هذه القرية إن عليهم أن يدفعوا ثمن تمديدات شبكة الكهرباء مع محولاتها دون نقصان، ولهول الصدمة لم ينطقوا بكلمة تخلو من الشتم .
ويقول أحد المواطنين: يوجد 12 اشتراكاً نظامياً بالكهرباء، فكيف تم تركيب هذه العدادات الكهربائية، ومنعت عمّن تبقى من السكان؟ ويضيف: نقوم باستجرار الكهرباء من هذه العدادات النظامية، لذلك تتضاعف المبالغ التي ندفعها وفقاً لنظام الشريحة..
نقول لمن يهمهم الأمر: لكي لا تتحول القرى النموذجية إلى مناطق منعزلة شبيهة بمناطق المخالفات بعيدة عن كل المقومات الحضارية والمدنية وتؤدي عكس الغرض الذي أقيمت من أجله.. عجِّلوا بالحوالة.