عالمكسر يا جوعان
بدأ مصرف الطعام المصري حملته بمبادرة من رجال الأعمال الذين قرروا مساندة الحكومة المصرية للقضاء على الجوع (شوف ها لصدفة). اعتمدت حملتهم على لملمة فضلات حفلات وأفراح الكبار، وتوزيعها منّةً، وكما يقولون، عطفاً على الفقراء والمساكين الصغار (إنسانية زايدة على غير عادة).
فيا سلام على هذه الصورة التراجيدية التي لا مثيل لها إلا في الأفلام العربية التي تجسد صورة صقور الاقتصاد المصري، وقد فُطرت قلوبهم وسالت دموعهم (دموع التماسيح بالطبع) لجوع الشعب المصري (ناسين أنهم سبب من أسبابه)، فماثلوه بالكلاب الداشرة والقطط السارحة التي تأكل من حاويات الشوارع.
فتحت شعار التكافل الاجتماعي حولت حملتهم الملايين إلى متسولين شرعيين يا محسنين، فهل ثمة إهانة لكرامة الإنسان وإنسانيته أكثر من ذلك؟!.
كل ذلك يجري في دولة قال أحد مسؤوليها على شاشات التلفزة متفاخراً: «إن عهد الغذاء الرخيص انتهى». لتبشرنا نتيجتها بأن هناك عهوداً قادمة من الإنسان الرخيص بقيمته وكرامته وحياته. كما وجرى ذلك في دولة التجربة العربية الأولى السباقة إلى اقتصاد السوق والانفتاح الاقتصادي، التي انهالت على شعبها بالوعود البراقة من الرفاهية والتطور الاقتصادي وما سيجذبه من (استثمار ورجال أعمال وخصخصة)، فكانت أولى الخطوات الواثقة؛ رفع الدعم، على شاكلة ما تفعله حكومتنا، على اعتبار أنه لا قيمة للدعم بدولة الرفاهية الموعودة، لتكون نتيجتها بعد (25) عاماً من التغيير، تحويل الشعب المصري بملايينه إلى مقتاتين على فضلات الرجال الفاسدين السارقين أساساً لحقوقهم ولقمة عيشهم.
من حقنا إن نسال حكومتنا الساعية زحفاً وانبطاحاً وراء اقتصاد السوق والخصخصة: هل قامت بدراسة للفترة الزمنية التي نحتاجها للوصول إلى مزايا الجوع والفقر التي وصل إليها الشعب المصري؟! أم أنه، بمعية الدردري وفريقه الاقتصادي، ستكون الشهور كافية لحسم هذا الموضوع التافه الصغير؟!
وهل ستكون تصريحات مسؤولينا، عندما يوصلونا إلى حالة مماثلة من الإفقار، بوقاحة التصريحات المصرية؟ وهل ستكون حكمتهم ومثلهم الأعلى مقولة: يجوع الشعب والجربوع لا يجوع؟!