في ظل التقنين والشرب من الآبار.. هل فاضت مياه الشرب عن حاجتنا حتى نصدرها؟

ذكر المهندس نصر إسماعيل مدير عام الشركة العامة لتعبئة مياه عين الفيجة بتاريخ 30/4/2009 في صحيفة تشرين، أن الشركة وقعت خلال عامها الأول عقداً مع شركة عراقية يتضمن تصدير 12 مليون جعبة مياه، كما تم إرسال أول شحنة كتجربة إلى مصر، وأن سمعة منتجات الفيجة وصلت إلى لبنان والأردن والسعودية والخليج العربي.

ربما وجب التذكير ونحن أمام هذا الواقع أن قطرة المياه إذا ما جفت غابت الحياة معها، فهي التي تحيي الوجود بشراً وشجراً، ولكن رغم ندرة مياهنا وأهمية ما بقي منها، فمازالت في الممارسة والمفهوم الحكومي مجرد مادة لا قيمة إضافية لها، اللهم إلا حين تتعامل بها الحكومة مع مواطنيها، فحينها فقط تدعو إلى الترشيد وتفرض التقنين، على الرغم من كونها المادة الإستراتيجية الأولى في الحاضر، ومحرك النزاعات العالمية في المستقبل.

التقنين المائي في سورية، هو الصفة الغالبة بسبب نقص المياه، حيث تعاني دمشق وحدها ومنذ سنوات من التقنين لأكثر من ثماني ساعات، والسبب هو العجز المائي المقدر بـ2،3 مليار متر مكعب في عام 2008، حيث يوجد نقص حاد في كميات مياه الشرب ولاسيما بعد الضغط السكاني الهائل على العاصمة وريفها..

وأما باقي المحافظات فليست أفضل حالاً، فدرعا وحمص على سبيل المثال ماضيتان نحو عحز مائي قريب، حسب تصريح نادر البني وزير الري السوري في شهر شباط 2009.

وبالعودة للعاصمة، فمن الضروري التنبه إلى أن نبع الفيجة الذي يعتبر المصدر الرئيسي لتغذية مدينة دمشق بمياه الشرب مهدد بالعجز بشكل دائم مع تذبذب كميات الثلوج التي تغذيه.. ومن الخطر الشديد استغلاله لمشاريع مائية تروي عطش الآخرين بالمياه النظيفة الصالحة للشرب، بينما سكان دمشق وأطرافها راحوا يشربون من مياه آبار، بعضها ثبت بالدليل القاطع عدم صلاحية استخدامه كمياه شفة ..

ربما كان الأجدر القيام بمشاريع مائية أكثر إلحاحاً، خصوصاً وأن عدد السوريين العطاش آخذ بالازدياد، وهناك مثلاً، لا حصراً،  مليونا إنسان في محافظتي حماة وحمص وحدهما ينتظرون خط الجر الثاني لإنقاذهم من العطش.

ومن جانب آخر، أوضح المهندس لؤي سلهب مدير المركز الوطني للتدريب على إدارة المصادر المائية بالرقة، في أحد لقاءاته، أن سورية من البلدان الفقيرة مائياً، حيث لا تتجاوز حصة الفرد سنوياً 1000م3 من المياه، في حين أن المعدل العالمي لحصة الفرد 1800م3 سنوياً، فيما أشارت تقارير هيئة تخطيط الدولة إلى أن وسطي استخدامات المياه في سورية يقارب 18 مليار متر مكعب سنوياً فيما الموارد الفعلية لا تتجاوز الـ15 ملياراً..

كما ذكر د. يوسف مسلماني، المدير الوطني لمشروع إعداد البلاغ الوطني الأول للتغيرات المناخية في سورية، أن العجز المائي سيتضاعف 3 مرات خلال العشرين سنة القادمة، حيث ستواجه معظم المناطق السورية عجزاً مائياً.

والسؤال المطروح، لماذا تفرط سورية، على الرغم من العجز المائي الذي تعاني منه، بعقد واحد مع شركة واحدة بأكثر من 12 مليون ليتر من المياه النظيفة؟ أليس المواطن السوري الأولى والأحق بها، لأنه بحاجتها؟ وهل بات من المنطق المفاخرة بتصدير ثروة المياه الإستراتيجية؟ وإذا جاء البعض ليقول، المياه متوفرة والتقنين توقف «مبدئياً» بعد موسم ماطر العام الماضي، فإننا نقول، من يضمن المستقبل؟ خصوصاً مع التغيرات المناخية الحاصلة، والجفاف شبه الدوري الذي يضرب سورية بين سنة وأخرى.       

 

آخر تعديل على الخميس, 11 آب/أغسطس 2016 21:40