وداعاً يا أبا عادل

قبل أيام توقف قبل المناضل الشيوعي المعروف، إلياس مرحو في السويد، عن عمر 73 عاماً. إنه مني توأم الروح والمبدأ والنضال، لأكثر من عشرين عاماً، بدءاً من عهد الشيشكلي.

هو ابن عامل بسيط وكريم، ربط حياته بالحزب الشيوعي الذي اعتنق مبادئه، ومن ورائه جميع أفراد عائلته. كان بيته وبيت شقيقته. أشبه بمكتب للحزب، ولإيواء الرفاق الملاحقين. كنا نشبه والدته الرائعة، بأم بافل غوركي للدور الذي كانت تقوم به، هي وأفراد أسرتها في نقل الرسائل والمطبوعات بين المنظمات.

منذ أواخر الخمسينات أصبح مسؤولاً عن منظمات مدينة الحسكة وريفها، لا ينقطع عن زيارتها في أحلك الظروف، ولم يتخلف عن المهام الحزبية من توزيع نشرات الميلاد والكتابة على الجدران أو الاشتراك في مظاهرات مركزية. لقد اعتقل مرات عديدة وأبرزها التي تعرض فيها إلى تعذيب وحشي أثناء اعتقاله مع أربعة رفاق على أثر توزيع نشرات ضد الشيشكلي، عذبوا وعذبوا 13 يوماً وسيقوا إلى سجن المزة. كما اعتقل أواخر عهد الوحدة، وكذلك عام 1965، وخرج رافع الرأس بصموده لأنه كان مسلماً بفكرة أن الاستشهاد في سبيل المبدأ والشعب والوطن هو حياة مشرفة وأن الحياة مع موت حقيق مستمر. لذلك كان يتسابق إلى تنفيذ المهام الخطرة عاد من المدرسة الحزبية في موسكو وهو أشد ارتباطاً بالحزب. وكانت صدمته الأولى مؤامرة إسقاطه عن النجاح في عضوية اللجنة المنطقية 1969. وكنتيجة للتصرفات اللامبدئية التي كانت تمارس ضد المثقفين من عرب وأكراد وسريان، من قبل قياديين شبه مبنية ليحافظوا على مناصبهم انجرف الرفيق الراحل أبو عادل مع جماعة رياض الترك ثم رحل إلى السويد، وأصبح مسؤولاً موثوقاً من قبل حكومتها، فساعد عشرات العائلات من الشيوعيين للحصول على حق اللجوء السياسي، رغم مواقفهم العدائية السابقة له، كان يفتخر بمبادئه الشيوعية وبدافع عن صحتها. ويأسف كثيراً لتشرذم الشيوعيين السوريين في أحزاب مختلفة، ويرنو إلى يوم يتوحدون في حزب واحد وحيد.

نم قرير العين يا أبا عادل إن نضالك وأفراد أسرتك سيبقى حياً في ذاكرة رفاقك وأن المبادئ السامية الإنسانية التي ناضلت من أجل وطن حر وشعب سعيد ستبقى رايتها مرفوعة بأيدي الشيوعيين السوريين الذي تلزمهم الظروف على التوحد في تنظيم واحد يستعيد دوره الوظيفي في حياة الشعب والوطن، ليحقق أهدافه الوطنية والاجتماعية التي عادت إلى تألقها على أثر الأزمة الحالية البنيوية للنظام الرأسمالي.

كلمات قليلة متواضعة كتبتها في وداعك الأخير كشمعة أوقدها إلى جانب جثمانك الطاهر ودمعة حرى من عين رفيق نضالك