دردشة مع نشوان
في مكتب صديق، التقى زميل دراسته الجامعية القديم، الذي عاش معه حياة تقشف قاسية لضيق ذات اليد، لكنه بعد أن توظف في القطاع العام، تسلق درجات المسؤولية في غفلة من الزمن بشكل صاروخي، وأصبح من ذوي النعمة المحدثة.
بعد تبادل التحيات والتمنيات والذكريات، لاحظ ذلك الزميل الذي تفوح منه رائحة الكحول:
- أنت تحمل قاسيون؟
• لي الشرف، ما رأيك فيها؟
- بصراحة، جريدتكم (زودتها) كتير، ما عندكم شغلة غير الكتابة والنق على الفساد والفاسدين والمفسدين. حلوا عن ظهرهم بقى! ما حلكم تلاحظوا التحولات في المجتمع؟ وإلا أنتم دقة قديمة؟!
رد عليه بابتسامة ساخرة:
• هات نورنا بمعرفتك.
- القيم والتقاليد القديمة عن النزاهة والاستقامة والمحافظة على المصلحة العامة صارت بالية، وحل محلها مفاهيم جديدة مثل: اللهم أسألك نفسي، وبعدي الطوفان، أو نفّع واستنفع، وحلال عالشاطر، والغاية تبرر الوسيلة طالما تحقق الثروة تنفيذاً للمقولة الذهبية «اللي عندو قرش بيسوى قرش».
قال في نفسه: السكران يكشف أوراقه!!
• آراؤك خطرة تخريبية.
- رجاء لا تقاطعني، واحتفظ بأفكارك لنفسك. أنتم تهاجمون المسؤولين عن القطاع العام، الذين اغتنوا بشطارتهم، وتصفونهم بلصوص نهبوا خيرات الشعب والوطن.. «هذا حسد أم ضيقة عين».. عوضاً عن أن تستفيدوا من خبرتهم؟
أجابه بسؤال:
• أأنت تكرس الفساد وتشرع السرقة وتخريب البلد ونسف القيم الفاضلة؟
- دعني أكمل ولا تقاطعني.. ماذا تستفيدون من اتهاماتكم؟! يا حبيبي إن الشطار مترابطون مع بعضهم، كما يقول المثل البدوي: «متكاضبة من بابها لمجرابها»، ووراء كل شاطر كبير، متنفذ أشطر وأقوى يدافع عنه. وإذا (علقت) صنارة كتاباتكم بقضية ما، ووصلت إلى التحقيق، والسين والجيم، سنقلب التحقيق على رؤوس نزهائكم الذين نقلوا لكم وقائع المخالفات وندينهم، ونخرج نحن سالمين غانمين مثل الشعرة من العجين، ثم نكتب قائمة بأسماء هؤلاء ومن يتعاطف معهم، ونرسلها للوزارة كفاسدين، فيذهب قسم منهم إلى بيت خالته، وقسم إلى بيوتهم مطرودين من العمل، ويصفى الجو لنا. ما رأيك هل ستستمرون في الكتابة؟
رد عليه:
• رأيي أن الفاسدين والمفسدين هم مافيا تنهب اقتصاد البلد وتخفض مستوى معيشة الشعب، وتهدم القيم الفاضلة في المجتمع، وتضعف مقاومة الوطن تجاه الأخطار التي تحيق به. لذا فإن جريدة قاسيون سوف تتشدد أكثر فأكثر، في فضح جرائمهم التخريبية، وستستمر في المطالبة بإلحاح لإصدار قانون (من أين لك هذا) حتى تجري محاكمتهم، وتحجز أموالهم وأملاكهم لمصلحة الشعب والوطن، عندئذ سوف يصفو الجو (ويحلو) أكثر التخلص من اللصوص الكبار.. والأيام بيننا!!