استمرار ظاهرة الضرب في المدارس العامة.. وانتقالها للخاصة مدرسة «السورية الحديثة» نموذجاً
يبدو أن ظاهرة الضرب في المدارس التي جاء منعها بقرار وزاري، ما تزال سارية المفعول في المدارس الخاصة والعامة على السواء.. فـ«الضرب على أبو جنب» كما يقال بالعامية، أو على الأقل هذا ما يؤكده العديد من الأهالي ومعظم المدرسين والموجهين التربويين في أكثر من مدرسة..
ولعل هذه الظاهرة ما تزال بحاجة إلى دراسة تربوية – اجتماعية أكاديمية واسعة لقراءة أسباب التصاقها وتغلغلها بالمجتمعات الأقرب إلى التخلف كمجتمعنا، وعدم قدرة الممنوعين من ممارستها على الإصرار على الإقدام عليها بين الحين والآخر تحت ذرائع مختلفة!! حيث لم ينفع وجود المدرسين الأقل انفعالاً، والمشرفين النفسانيين المتخصصين الذي تم فرزهم إلى مدارس المرحلة الأولى من التعليم الأساسي في لجمها والحد منها..
إذاً، الضرب ما يزال حاضراً، ولكن انتقال هذه الظاهرة من المدارس العامة إلى المدارس الخاصة يعد أمراً غريباً، خاصة وأن هناك مدارس تصل رسوم التسجيل فيها إلى عشرات الآلاف، ولعل الحادثة التي وقعت في إحدى هذه المدارس والتي كادت أن تؤدي بأحد الطلاب إلى فقدان عينه، بحاجة إلى مراجعة ومتابعة دقيقة من وزير التربية علي سعد، فقد تعرض التلميذ دليار محمد مللي، من الصف الخامس في مدرسة «السورية الحديثة» الخاصة للضرب المبرح من رئيسة القسم الابتدائي في المدرسة السيدة المشرفة على تلاميذ المدرسة والمكلفة برعايتهم وحل المشاكل التي تواجههم.
محمد مللي والد الطفل دليار أكد أن رئيسة القسم الابتدائي في المدرسة استخدمت أقسى أنواع الضرب المبرح مع ابنه دون أية رأفة مع التلفظ بشتائم لا تليق بمعلمة لتتذرع لاحقاً بأنها فعلت ذلك لكي يكون المضروب عبرة لغيره من التلامذة.. كونه يضايق الفتيات في المدرسة ويوجه إليهم ألفاظ لا أخلاقية.. وقد وقعت إحدى الضربات القوية على عين التلميذ اليسرى ما أدى إلى انتفاخ عينه بشكل كبير.. يتساءل الوالد: كيف لطفل لم يتجاوز سن العاشرة أن يتهم بهذه الاتهامات؟ حتى وإن كان الأمر صحيحاً ألا تتحمل إدارة المدرسة جزءاً من هذه التصرفات والأخلاقيات؟ ويتابع الوالد: كل هذه الاتهامات من الموجهة الأولى بالمدرسة كانت ضمن خطة استباقية منها لتبرئة نفسها مما حدث، خاصة وأنها المرة الأولى التي يتم فيها الحديث عن (قلة أدب) رغم مرور أربع سنوات على تسجيله في هذه المدرسة.
ويبين تقرير الطبيب الشرعي في مشفى ابن النفيس وجود أذية كبيرة تعرضت لها عين الطفل اليسرى ووجود انتفاخ وكدمة كبيرة حول العين بالإضافة إلى وجود سحجة بطول /5سم/ على الخد الأيمن وهو ما يتطلب نقاهة قد تتجاوز العشرة أيام.
إن ظاهرة الضرب في المدارس زادت بشكل واضح مؤخراً، والمطلوب من وزارة التربية أن تعمل بشكل حازم على وضع ضوابط صارمة تلزم كل معلم بعدم استخدام هذا الأسلوب البدائي في التعليم، خاصة وأن معاون وزير التربية لشؤون التعليم الخاص أصبح على علم بأكثر من حادثة من هذا النوع، ووعد بالتحقيق في جميع حيثيات الحالات المقدمة ومعالجة الأمر في مدة أقصاها عشرون يوماً واتخاذ الإجراءات المناسبة بحق المسيئين للعملية التربوية.
وثمة سؤال مهم هنا: ألا تدل هذه الحالة على ضرورة إعادة النظر بالأعداد الكبيرة للمدارس الخاصة ذات الأقساط العالية، ووضع أنظمة وضوابط تكون أكثر حزماً وملائمة للمواطنين كافة.