نزار عادلة نزار عادلة

الاستثمار والخصخصة لأهم مؤسسة إنتاجية في سورية!

الحكومة عاجزة عن القيام بالإصلاح الإداري، والفساد استشرى في سورية وأصبح مقونناً في مؤسسات الدولة كافة، لذلك تعلن الحكومة بين الحين والآخر، وبشكل متواتر ومدروس، عن طرح مؤسسات إنتاجية، بغض النظر إن كانت رابحة أو مخسرة أو خاسرة، على الاستثمار، مثل معامل الورق، معامل الأسمنت، المرافئ السورية، شركة الأحذية، وأخيراً المؤسسة العامة للأبقار.

ابتليت المؤسسة العامة للأبقار منذ تأسيسها بإدارات أوصلتها إلى الحضيض. وقد عانت على مدى عقود طويلة من خسارات متتالية وعدم توفر السيولة اللازمة. يتبع للمؤسسة /11/ مبقرة أبرزها في مسكنة، وتملك /62049/ دونماً من الأراضي التي من المفترض أن تزرع لاحتياجات القطيع. وفي كل عام تصدر تصريحات عن إدارة المؤسسة تقول إن هناك خططاً إستراتيجيةً تم وضعها للنهوض بالمؤسسة، والوصول إلى مرحلة الربح بعد خسارة دامت عقوداً، بالتخلص من الأبقار ذات الإنتاج المتدني والتي تشكل عبئاً على المؤسسة وإدخال بكاكير ذات إنتاجية عالية.

بالإضافة إلى ذلك كانت هناك مشاكل بين المؤسسة ومعامل الألبان، سجال يومي وخلاف دائم حول سعر الحليب، وقد حمَّلت إدارة مؤسسة الأبقار مسؤولية الخسارة إلى معامل الألبان. ومعامل الألبان الخاسرة بسبب بعض مدرائها تحمِّل خسارتها للمؤسسة، وأجاز المرسوم التشريعي رقم 276 تاريخ 1/8/2004 رفع سعر الحليب وتحريره، فتحسن الوضع المالي للمؤسسة وخسرت معامل الألبان.

من هنا كان المطلب الدائم ولا يزال ضم معامل الألبان إلى المؤسسة أو ضم المؤسسة إلى معامل الألبان، وذلك لتكامل العمل بينهما، ولكن يبدو أن هناك من يسعى لبقاء هاتين المؤسستين منفصلتين.

في تصريح للصحافة المحلية قال مدير عام المؤسسة إن المؤسسة تدرس بكل جدية الأسس الجديدة لتأمين منتجات الألبان المصنعة من الحليب الخام بأنواع مختلفة ومميزة، وبأسعار تنافسية مع منتجات القطاع الخاص، وأن المرسوم رقم 276 عدَّل مهام المؤسسة وأصبح من حقها تصنيع وتسويق إنتاجها بما يعيد إليها الربح والفائدة، واقترح المدير العام إحياء الشراكة مع شركات ألبان القطاع العام، أو ضم إحدى هذه الشركات وتحديداً شركة ألبان حمص إلى المؤسسة، ولكن حتى الآن مازالت اللجان تدرس المقترحات.

المرسوم 276 صدر في العام 2004 وأعطى للمؤسسة صلاحيات التصنيع، فلماذا لم تنفذ الإدارات هذا المرسوم بإقامة مصانع لإنتاج الأجبان بكل أنواعها والعصائر التي تصنع مع الحليب؟ ولماذا لم تُحاسَب الإدارات التي تعاقبت على المؤسسة على عدم تطوير العمل؟ فقبل ثلاثة عقود كانت المؤسسة تملك /14/ ألف بقرة من جميع الأنواع، بينما حالياً لا يتجاوز عدد القطيع /12/ ألف بقرة.

تعتمد المؤسسة في مصدر العلف على المؤسسة العامة للأعلاف، وخلال سنوات كانت تعاني من عدم توفر كسبة القطن والشعير والذرة الصفراء، وأدى ذلك إلى خلل كبير وأساء للإنتاج وزاد في التكلفة.

تملك المؤسسة /41/ ألف دونم، وعدد المباقر في سورية /11/ مبقرة أبرزها وأنجحها مبقرة مسكنة، وكانت الخطوة الأولى تأجير /14/ ألف دونم للفلاحين بهدف زيادة فرص العمل بالمناطق النائية، وانتقلت بذلك من خسارة 3 مليون ل.س في عام 2007 قبل تأجير الأراضي،إلى ربح 3 مليون ل.س في عام 2009 من تأجير الأراضي الزراعية، وهذا إنجاز كبير برأي الإدارة.

مؤسسة تملك /12/ ألف بقرة وخاسرة، ويتندرون في الرقة وفي المباقر الأخرى بأن (أم محسن) تملك بقرة واحدة تقوم بخدمتها على أحسن وجه، ولكنها لا تسرقها طبعاً، فتدر عليها /20/ ألف ل.س شهرياً.

إذاً بالخطوة الأولى وهي تأجير 14 ألف دونم، حققنا الانتقال من الخسارة للربح، والخطوة الثانية تأتي اليوم بعرض مبقرة مسكنة من قبل اللجنة الاقتصادية للاستثمار وهي أنجح مبقرة من أصل /11/ مبقرة، وعلمت «قاسيون» أن شركة عربية رسا عليها العقد. 

السؤال البريء

لماذا عرضت مبقرة مسكنة الرابحة والأفضل ولم تعرض المباقر الخاسرة؟ كيف نفهم تصريحات الحكومة اليومية عن أهمية الأمن الغذائي وعن الخطط لإقامة مجمعات غذائية؟ كيف يمكن أن تقام مؤسسة غذائية إذا كانت الحكومة تعمل على تصفية وإنهاء المؤسسات القائمة؟ وكيف تعجز الحكومة عن إصلاح إداري في هذه المؤسسة، وعن محاسبة المدراء الذين تواكبوا عليها؟

أسئلة يعجز المواطن عن إيجاد أجوبة لها، لأنه يعجز عن فهم التناقض بين التصريحات وتطبيق سياساتنا الاقتصادية!!

آخر تعديل على الثلاثاء, 26 تموز/يوليو 2016 12:46