هل للمصارف الزراعية ثأر مع الفلاحين؟

جراء ما حصل للموسم الشتوي الحالي نتيجة العوامل الجوية والمرضية، وخصوصاً «الصدأ الأصفر» الذي أدى إلى تدني نسبة إنتاج الأقماح وتجاوز الفاقد نسبة 60% مقارنة مع الإنتاج الفعلي المقدر قياساً على إنتاجية السنوات السابقة، وتنفيذاً لتوجيهات السيد الرئيس، وبناء على تصريح السيد محافظ الحسكة لجريدة تشرين الرسمية الصادرة بتاريخ 1072010 حيث تلقى السيد المحافظ فاكساً من السيد وزير الزراعة رقم 211م تاريخ 772010 يطلب فيها دعوة اللجنة الفرعية الزراعية في المحافظة إلى تقدير الأضرار التي لحقت بالمحاصيل الشتوية على مستوى المحافظة خلال ثلاثة أيام وإحالتها إلى الإدارة العامة للمصرف الزراعي، اجتمعت اللجنة الفرعية واقترحت من جملة ما اقترحت:

جدولة القروض الممنوحة للموسم الشتوي لعام 20092010 للزراعات البعلية والسقوية لمدة ثلاث سنوات.

تأجيل القسط المستحق بتاريخ 192010 من القروض المجدولة بموجب القانون 11 لعام 2009 وذلك للمجدول لعشر سنوات وسبع سنوات إلى ما بعد القسط الأخير.

وتم رفع المقترحات إلى الإدارة العامة للمصرف بدمشق لإصدار القرار اللازم، وهذا ما ينسجم تماماً مع نظام عمليات المصرف الزراعي، سيما المادة 85 منه والفقرة خ من المادة 84 بالنسبة للديون المجدولة والمقسطة حول الأضرار العامة، وفي حال تكرار الضرر لأكثر من موسم، وهذا ما هو حاصل فعلاً بدليل صدور القانون11 لعام 2009، نتيجة الأضرار التي لحقت بالزراعة الشتوية للمواسم الماضية مما أدى إلى تقسيط الديون السابقة بـ«عشر وسبع سنوات»، يحق لمجلس إدارة المصرف الزراعي دون إصدار أي مرسوم أو قانون بتقسيط الدين لمدة ثلاث سنوات، وهذا ما طالبت به اللجنة الفرعية بالحسكة.

إلا إن إدارة المصرف الزراعي بدمشق ماطلت، وطلبت من فروعها موافاتها بالكشوف الإفرادية متجاهلة مقترحات وتوصيات اللجنة الزراعية الفرعية التي جاءت تنفيذا لتوجيهات السيد الرئيس من خلال مطالبتهم من قبل وزير الزراعة طالبا الإجابة خلال ثلاثة أيام اعتبارا من 772010 والتي أجابت مشكورة بالسرعة القصوى بمتابعة السيد المحافظ ورئيس اتحاد فلاحي المحافظة ومكتب الفلاحين الفرعي لحزب البعث، وأفرغت مقترحات وتوصيات اللجنة الزراعية الفرعية من مضمونها حيث أصدرت بعد عشرين يوماً من إرسال المقترحات القرار رقم 479م تاريخ 25/7/2010 ليقوم السيد وزير المالية بناء على قرار مجلس إدارة المصرف الزراعي رقم 479/م فيصدر القرار 179 المشؤوم، حيث أجّل قروض المصرف الزراعي للموسم الشتوي لمحافظة الحسكة 20092010 لمدة عام واحد فقط.

ضمن أحجيات وحزازير ووضع معادلة في المادة السادسة من قرار وزير المالية، وكانت بمثابة القشة التي قصمت ظهرت البعير، حيث رضي الفلاحون مكرهين بالتأجيل لسنة واحدة، وكانت الفقرة السادسة مخيبة لما بقي للفلاحين من أمل بتأجيل ديونهم لمدة سنة واحدة، وأصبح الفلاحون عرضة لابتزاز وحل المعادلة على مزاج صغار العاملين بفروع المصرف الزراعي لتصل أرقام الرشاوى إلى مستويات خيالية بغية تأجيل أو عدم تأجيل دينهم.. ونذكر مع الشكر للسيد المحافظ ثانية عندما طلب من إدارة المصرف الزراعي إلغاء المادة السادسة بحيث لا يتم تطبيقها على محافظة الحسكة، فكان رد الإدارة العامة للمصرف الزراعي بكتابها الموجه إلى مصارف المحافظة بتنفيذ أحكام مواد القرار المذكور كافة، بل كحّلها بآخر فقرة من كتابها بعبارة «وعليه يكون التأجيل وفق مضمون هذه المادة أكثر إنصافاً وعدلاً».

فأي عدل وإنصاف يا إدارة المصرف؟! ألا يكفيكم تأخركم بتنفيذ توجيهات السيد رئيس الجمهورية مدة عشرين يوماً، وبعد ازدياد المطالبة نفذتم بشكل مبتور، وتركتم الفلاحين في المحافظة يلهثون وراء وعود التأجيل والتقسيط وهم لا يستطيعون تأمين أثمان المحروقات لمحصولهم الصيفي «القطن»، بل أصبحت فروع مصرفكم مفتوحة لصرف فواتير السماسرة والتجار، وملايين الليرات للفلاحين والمزارعين الحقيقيين مكدسة في أدراج موظفيكم بانتظار الفرج الذي جاء متأخراً وفق المقولة تمخض الجبل فأنجب فأرا!؟