بلدية الروضة: مخالفات بالجملة.. وعملية تزوير واضحة
كثرت في الآونة الأخيرة الشكاوى الواردة إلى جريدة قاسيون من أهالي بلدة الروضة في محافظة طرطوس حول أداء البلدية ورئيسها الحالي، ومعظم هذه الشكاوى تركّز على المزاجية التي يتعامل فيها رئيس البلدية مع أبناء البلدة، والتمييز فيما بينهم على أسس غير قانونية أو واقعية، ومخالفته القانون في كثير من القضايا الإدارية والمالية، واعتماده مبدأ الخيار والفقوس والمحسوبية في تسهيل أو إعاقة تقديم الخدمات.
وأكد الأهالي أنهم تقدموا بأكثر من شكوى مرفقة بالوثائق اللازمة للمسؤولين الأرفع في المحافظة وبعض الجهات الأخرى حول الكثير من مخالفات رئيس البلدية في عدد من القضايا ولكن دون جدوى, حيث لم تفلح احتجاجاتهم واعتراضاتهم وشكاويهم المتكررة في دفع الجهات المسؤولة لاتخاذ موقف حاسم تجاه هذه المخالفات والتجاوزات، حتى خرجوا بنتيجة مفادها أن وراء الأكمة ما وراءها.. وأن هناك جهات (قوية) تقوم بتغطية هذه المخالفات وحماية المخالف..
ومؤخراً، وصلت إلى أيدينا وثائق هامة، تثبت بشكل لا يدع مجالاً للشك، أن البلدية متورطة بمخالفة سافرة للقانون في قضية عقارية، هي في الحقيقة حديث الناس اليوم في البلدة، وتتعلق بتزوير الحقائق في وثيقة رسمية صادرة عن بلدية الروضة.
بيع عقار إلى جمعية سياحية بطريقة مخالفة للقانون
قبل الخوض في موضوع المخالفة لا ضير من عرض جزء من قانون منع الاتجار بالأراضي (القانون رقم 3 الصادر عام 1976). فقد نص هذا القانون حرفياً في المادة 1- أ: (يمتنع بعد نفاذ هذا القانون على من يشتري شيئاً من الأراضي الكائنة ضمن حدود أي مخطط تنظيمي عام مصدق وضمن مناطق الاصطياف بيعها كلاً أو جزءاً، أو التوكيل بذلك، ويشمل هذا المنع الهبة ما لم تكن لإحدى الجهات العامة والجمعيات الخيرية وبدون عوض. وكل عقد صوري يخفي بيعاً .
وفي المادة 3- (يمتنع على الدوائر العقارية والكتاب بالعدل وجميع الجهات الإدارية العامة الأخرى تسجيل أو توثيق أي عقد يتضمن انتقال ملكية أي من هذه الأراضي خلافا لأحكام المادة الأولى من هذا القانون).
وفي المادة 11- (يعتبر كل تصرف بأي من الأراضي المشمولة بأحكام المادة الأولى من هذا القانون إذا تم خلافاً لأحكامها، احتيالاً يعاقب عليه البائع والمشتري، أصيلاً كان أم وكيلاً، بالعقوبة المنصوص عليها في المادة /641/من قانون العقوبات).
بالعودة إلى موضوعنا، فإن الوثائق التي قدمت لقاسيون تؤكد أن العقار رقم (3) الكائن في منطقة ضهر صفرا العقارية، ويتبع المخطط التنظيمي لتجمع الشرفة منذ أواسط عام 1999 (المخطط مصدق بالقرار رقم 301 تاريخ 15/6/1999)، قد جرت له عملية بيع عام 2004, ثم جرت له عملية إدغام عام 2006 بالعقار رقم 2 (ضمن المنطقة العقارية نفسها، وتاريخ دخول المخطط التنظيمي عام 1999 نفسه، ليبقى فقط العقار رقم 2 الذي من الناحية القانونية جرت له عملية بيع عام 2004 بعد الدخول في المخطط التنظيمي عام 1999 .
والمخالفة الواضحة تبدأ هنا، فبموجب القانون لا يمكن بيع هذا العقار مرة ثانية, ورغم ذلك فقد جرت عملية بيعه ونقل ملكيته عام 2009 إلى جمعية عروس البحر للسكن والاصطياف, وقد تم ذلك بموجب كتاب مشروحات من بلدية الروضة (يحمل رقم 801 تاريخ 31/3/2009)، يبين أن تاريخ دخول العقار في المخطط التنظيمي هو عام 2005، أي بعد بيع العقار عام 2004, وهو الأمر المجافي للحقيقة، فالعقار كما أوضحنا هو ضمن التنظيم منذ عام 1999، كما يؤكد كتاب شروح آخر صادر عن البلدية نفسها.
وهكذا جرى تمرير المخالفة بعملية تلاعب أمام الدوائر العقارية، تم بموجبها اعتبار عملية البيع عام 2009 بيعاً لأول مرة بعد دخول العقار في المخطط التنظيمي عام 2005، كما تبين الوثيقة المزورة أو المخالفة للحقيقة والتي استند عليها لإتمام البيع أمام الدوائر العقارية.
وهكذا فنحن أمام وثيقتين، واحدة صحيحة تبين أن تاريخ دخول العقار المخطط التنظيمي هو عام 1999, والثانية مخالفة للحقيقة أو مزورة، تبين أن تاريخ دخول العقار المخطط التنظيمي هو عام 2005، وهي الوثيقة التي تم البيع بموجبها!.
والأسئلة التي يطرحها الناس اليوم: كيف قدمت البلدية شروحاً مخالفة للحقيقة، ولمصلحة من؟ ومن جهة أخرى، إذا كانت الوثيقة مزورة، فمن زوّرها؟ وكيف تم تمرير التزوير أمام الدوائر العقارية المسؤولة عن البيع؟ وكيف فقدت النسخة الأصلية للوثيقة (المتلاعب بها) المعتمدة في عملية البيع لجمعية عروس البحر للسكن والاصطياف, حيث اختفت من دائرة السجل العقاري في بانياس (يوجد منها صورة فوتوغرافية)، كما أكد المواطنون الذين يتابعون القضية؟. ثم كيف قبلت الجمعية شراء العقار المعني طالما أن لديها كتاباً من بلدية الروضة يبين التاريخ الحقيقي لدخول العقار في المخطط التنظيمي عام 1999؟ ومن أين حصلت الجمعية على الكتاب المزوّر أو المخالف للحقيقة والمعتمد في البيع أمام الدوائر العقارية؟؟
أسئلة كثيرة وجدية تحتاج إلى أجوبة حاسمة، وهي برسم محافظة طرطوس، والجهات الرقابية والتفتيشية فيها..
الخطير في الأمر أن هناك من يردد بيقين، أنه سيتم طي الملف أو إخفاؤه لكي لا يؤدي في المحصلة إلى فتح ملفات تزوير في قضايا أخرى ربما تكون أخطر وأوسع!؟
إننا في جريدة قاسيون، نضم صوتنا لأصوات الناس ونطالب بفتح تحقيق يعالج هذا الملف وغيره، ويحاسب المسؤولين عن المخالفات والتجاوزات تطبيقا لمبدأ سيادة القانون، وإنصافا للمواطنين وحفظاًً للمال العام.