من ادعى إن الحسينية مؤهلة؟ ضاغطة وصهريج لـ32 ألف نسمة دون هواتف ثابتة!
بعد ثلاث سنوات من التهجير ومرارة النزوح، عاد أهالي منطقة الحسينية العام الماضي إلى منازلهم بعد الترويج والتأكيد من قبل الجهات الرسمية والإعلام الرسمي، على أن البنى التحتية «السيئة أصلاً قبل دخول المسلحين»، أُعيد تأهيلها، وباتت المنطقة صالحة للسكن.
تفاجأ السكان، وخاصة أولئك الذين يتبعون في قطاعهم الإداري إلى محافظة ريف دمشق، كون منطقة الحسينية مقسمة لثلاث قطاعات، الأول يتبع لمحافظة دمشق والثاني لمحافظة القنيطرة والثالث لمحافظة ريف دمشق، وهذا الأخير كان بحسب ماوصفه بعض السكان «سيئاً من نواحي الخدمات جميعها» رغم أن السكان يناشدون بالإصلاحات والحلول الإسعافية منذ حوالي العام.
في الأمان كابلات تتكرر سرقتها!
يقول نور لصحيفة «قاسيون»، وهو صاحب أحد محلات التصوير هناك، إن «كل منطقة الحسينية بقطاعاتها الثلاثة، غير مخدمة بخطوط هاتف ثابت، فمنذ حوالي العام، ولا أحد يملك هاتفاً سوى البلديات، وعندما نقوم بمراجعة مقاسم الهاتف، يقولون إن مجهولين يقومون بسرقة الكبل النحاسي كلما قمنا بمده من منطقة السيدة زينب».
يؤكد نور أن الحسينية قبل أن يهجرها هو كما هجرها السكان، كانت مخدمة بخطوط الهاتف الثابت، ولا يعلم حتى اللحظة، إن كان عليه تصديق حجة «سرقة الكبل النحاسي الذي يبلغ طوله 3كم»والذي لم يتم إيجاد طريقة ناجعة لتركيبه وحمايته في آن واحد، علماً أن المنطقة من المفترض أنها آمنة، وتحت عين الرقابة والمتابعة.
معضلة المياه والكهرباء
ليست فقط خطوط الهاتف الثابت، فمنذ عام، وأهالي الحسينية في القسم التابع لمحافظة ريف دمشق، لا يرون الكهرباء سوى ساعتين أو ثلاث خلال الـ24 ساعة، وعدم وجود الكهرباء، ينعكس سلباً على نواحي الحياة كلها بشكلها الطبيعي، وهذا ما يجعل الحصول على مياه الشرب وتعبئة الخزانات أمراً شبه مستحيل.
يقول أبو جهاد، وهو من سكان الحسينية، إن المياه لا تأتي للمنطقة التابعة لريف دمشق، سوى مرة أو مرتين في الأسبوع، ولساعة واحدة فقط، والحصول عليها لتعبئة الخزانات يحتاج إلى مضخات، والمضخات لا تعمل دون الكهرباء التي نكاد لا نشعر بها، عداك عن أن صهريجاً واحداً فقط يعمل على تخديم تلك المنطقة التي يقطنها حوالي 6 آلاف عائلة.
إهمال مع سبق الإصرار
إهمال ذلك الجزء من منطقة الحسينية، بات واضحاً، وكأن «محافظة ريف دمشق لا تعلم بما يحدث هناك أو أنها لا تريد تأهيلها عمداً، طالما استطاعت محافظة دمشق والقنيطرة تأهيل الأجزاء التابعة لها بصورة شبه جيدة»، بحسب بعض الأهالي الذين أكدوا أنه «يتم تجميع القمامة في أماكن خالية وحرقها من قبل الأهالي، عدا عن أن نقص عدد عمال النظافة الجوالين وعدم وجود سيارات قمامة تدخل الأحياء، جعل من القمامة تتراكم أمام المنازل، مايهدد بانتشار القوارض والحشرات، أو سيكون المواطن مضطراً لقطع مسافة 300 متر للوصول إلى الحاوية التي تراكمت حولها القمامة بعد أن امتلأت من الداخل».
فقط.. شارع البلدية «مزفت»!
وأكد الأهالي أن «بلدية الحسينية أخذت رسوم خدمات من أصحاب المحلات مؤخراً على أمل تحسين الأوضاع الخدمية، لكنها لم تقدم شيئاً حتى اليوم»، حتى أن أحدهم قال «من المفترض أن يتم تعبيد الشوارع في المنطقة، لكن المتعهد لم يقم بتعبيد سوى الطريق المؤدي إلى البلدية والذي يقطن به رئيس البلدية».
وتابع مفضلاً عدم ذكر اسمه «تم تسليم قضية تعبيد الطرقات لمتعهد، الذي قام بدوره بترقيع الشوارع ببعض الحصى ومد طبقة من (الزفت) فوقه، ما جعل حال الطرقات أسوأ من السابق، وعاد ذلك بالضرر على أصحاب المحلات التجارية التي تكسرت أجزاء من واجهاتها الزجاجية جراء تطاير الحصى إثر مرور السيارات المسرعة».
لا يوجد موقف رسمي للسرافيس في الجزء التابع لمحافظة ريف دمشق من الحسينية، مايجبر تلك السرافيس على التجمع بشكل عشوائي أمام المحلات التجارية لأوقات طويلة، عدا عن أن أغلب السرافيس لا تفضل دخول الشوارع الداخلية للمنطقة، وتكتفي بالتجمع وتعبئة الركاب ومن ثم الانطلاق إلى دمشق، ما يجبر السكان على المشي قرابة 2 كيلو متر لاستقلال السرفيس.
رئيس البلدية يعترف: لا يوجد تعاون!
رئيس بلدية الحسينية التابعة لريف دمشق، خليل عبد الهادي، لم ينكر أياً من تلك الشكاوى، بل على العكس زاد عليها بعض التفاصيل، وقال في حديث مع إذاعة ميلودي اف ام، إنه «كان هناك إجحاف بحق الجزء التابع لمحافظة ريف دمشق في الحسينية، كونه الجزء الأخير الذي تم تأهيله، بعد الجزأين التابعين لدمشق والقنيطرة، وكان لنا نصيب قليل من الكهرباء والماء».
وأردف «هناك تقصير حاصل في الخدمات»، مشيراً إلى ماوصفه بــ “عدم تعاون” من قبل باقي المحافظات لترحيل الأنقاض والقمامة، وأكد أن بلدية الحسينية التابعة لريف دمشق لا تملك آليات ثقيلة لترحيل الأنقاض إلى خارج المخطط التنظيمي، بينما لاتملك سوى ضاغطة واحدة لترحيل القمامة.
12 عامل نظافة لتخديم 6500 عائلة
وفيما يتعلق ببطء عملية ترحيل القمامة، وحال النظافة بشكل عام، أشار عبد الهادي إلى وجود نقص في عدد الحاويات والتي يبلغ عددها فقط 40 حاوية، والاعتماد على ضاغطة واحدة بدون سيارات قمامة، إضافة إلى 12 عامل نظافة فقط، لتخديم القطاع التابع لريف دمشق والذي يقطن فيه حوالي 6500 عائلة أي ما يقارب 32 ألف نسمة.
وأكد عبد الهادي وجود تجمعات للقمامة، يقوم المواطنون برمي القمامة فيها عند نهاية كل من شارعي حطين والكرامة والسرو، على أن يتم ترحيلها خلال يومين عبر الضاغطة، لعدم وجود سيارات قمامة مفروزة إلى الحسينية.
صهريج مياه واحد فقط!
وأيضاً «الكهرباء الواصلة إلى مضخات المياه ضعيفة، ولا تلبي الحاجة كونها ضعيفة الاستطاعة، عدا عن أن تقنين الكهرباء غير منتظم، فقد تأتي الكهرباء ساعتين وتقطع 10 ساعات»، بحسب عبد الهادي الذي أضاف «لا يستفيد السكان من المياه الموجودة في الأنابيب، لأنهم يحتاجون لتشغيل مضخاتهم المنزلية، إلا أن عدم انتظام تقنين الكهرباء يسبب مشكلة».
وأردف «لا يمكن السكوت عن المياه، لأنها ضرورية جداً، والمواطن غير قادر على استحضار صهريج على حسابه الخاص»، كاشفاً أنه لا يوجد سوى صهريج واحد لدى البلدية - يوم شغال وعشرة عطلان-، وهو غير قادر على تخديم المنطقة كلها.
70% من الشوارع غير معبدة!
مشكلة الكهرباء وفقاً لحديث عبد الهادي، تكمن في عدم استكمال تأهيل الشكبات، حيث بدأت تلك العملية قبل عودة الأهالي في القسمين التابعين لدمشق والقنيطرة، بينما تأخر في ريف دمشق، وأكد أن «أكبر مشكلة في قطاع الكهرباء تكمن بالشبكات الأرضية، وأن المحولات الموجودة صغيرة وليست مجدية»، مشيراً إلى أنه «تم الاعتداء على 23 محولة محمولة هوائية، عدا عن سرقة محولتين أرضيتين، ونحن موعودون بحلول تدريجية منذ 4 أشهر عبر كهرباء ريف دمشق».
وفيما يخص خطوط الهاتف الثابت، قال عبد الهادي إن «شبكات الهاتف مؤهلة، إلا أن الخط الواصل إلى الحسينية من السيدة زينب، تمت سرقته أكثر من مرة، ولذلك تم تأجيل موضوع وصل الكبل مرة أخرة حتى اللحظة»، مؤكداً أن «هاتف البلدية الذي كان الهاتف الوحيد، تعطل منذ أيام».
وعن مشكلة النقل، قال رئيس بلدية الحسينية التابعة لريف دمشق، إنه «تمت مخاطبة شركة النقل الداخلي لتزويدنا بـ 5 باصات، إلا أنه لم تصل أية إجابة حتى اليوم»، مشيراً إلى «وجود ضغط سكاني هائل بحاجة لتأمين وسائل نقل جماعية».
وكشف عبد الهادي عن أن 70% من شوارع الحسينية التابعة لريف دمشق غير معبدة بعد، بينما هناك مناطق مازالت على التراب، وأضاف «نفذنا مشروعاً لتعبيد الطرقات عام 2015 بشارع ميسلون المؤدي إلى مقر بلدية ريف دمشق في الحسينية، إضافة إلى شارع 8 آذار الذي يضم بعض المدارس والذي تم تعبيد نصفه وفقاً للعقد الذي كانت قيمته 24 ميلون ليرة سورية تقريباً».
حال مهملة وأسئلة!
والحال كذلك فإن أهالي منطقة الحسينية، وخاصة ذاك الجزء التابع إدارياً لمحافظة ريف دمشق، سيبقون قيد الإهمال والتقصير، ولعل السبب الرئيسي بذلك هو ذلك التقسيم الإداري غير المجدي، وخاصة من الناحية العملية على مستوى الخدمات.
أسئلة تطرح نفسها:
أليس من الأجدى عند إبرام عقود الخدمات لتلك المنطقة أن تكون شاملة للمنطقة كلها، بدلاً من تجزئة الإنفاق حسب التبعية الإدارية؟
وهل من الصعب إعادة النظر بالتقسيم الإداري للمنطقة، وإتباعها لمحافظة واحدة، بدلاً من هذا التشتت والضياع؟
كما السؤال المشروع الآخر:
كيف تتم سرقة كابلات الهاتف في منطقة آمنة ومحمية، ومن يقف خلف هذا الأمر، خاصة وأنه قد تكرر لأكثر من مرة؟