الريف الشمالي لحمص بانتظار استكمال الهدنة

الريف الشمالي لحمص بانتظار استكمال الهدنة

أهالي الريف الشمالي لحمص، بقراه وبلداته العديدة، يعانون من تراجع الإنتاج الزراعي بل وتوقفه، وذلك بسبب الحرب القائمة والحصار المفروض منذ سنوات، بما في ذلك الأراضي الزراعية التي حرموا منها بنتيجة ذلك.

حيث تحولت تلك الأراضي إلى ساحات للصراع والأعمال العسكرية، وتساقط القذائف، بالإضافة إلى عمليات القنص التي تتم أحياناً هناك، مما حرم الأهالي التمكن من المضي إلى أراضيهم من أجل زراعتها والاهتمام بها خلال السنوات المنصرمة.

 

مصدر وحيد للرزق

 

الزراعة بالنسبة للأهالي في هذا الريف تعتبر المصدر الأساسي للدخل، على ذلك فقد بات الكثيرين منهم يعانون الفاقة، جراء التراجع بالإنتاج الزراعي والحيواني، بالإضافة إلى العديد من المعوقات والصعوبات الأخرى المرتبطة بهذا الإنتاج، اعتباراً من النقص بمستلزمات الإنتاج من بذار وسماد ومبيدات وارتفاع أسعارها، واحتكارها من قبل البعض، مروراً بنقص الوقود وندرته، مع التراجع والضعف بالقدرة الشرائية لدى الأهالي، ناهيك عن مشكلة المياه وتأمينها، بالإضافة إلى نقص اليد العاملة الزراعية بشكل كبير، نتيجة النزوح واللجوء هرباً من تداعيات الحرب وآلامها.

من السقاية إلى البعل

 

المحاصيل الزراعية تضررت خلال سنوات الحرب، على الرغم من تنوعها في تلك المناطق، حيث تشمل القمح والشعير والبقوليات والأشجار المثمرة وغيرها، مع التراجع بالإنتاج الحيواني المرافق لتربية الحيوانات الداجنة، التي تعتبر أحد مصادر الرزق الرديفة لأهالي هذا الريف، كما غيره من الأرياف السورية، حيث نفق جزء كبير منها، واستهلك الباقي منها خلال السنوات المنصرمة، وتراجعت أعدادها بشكل كبير، وذلك للعديد من الأسباب المذكورة آنفاً وغيرها، ولعل نقص المياه المحجوبة عن تلك الأراضي، بفعل الحصار المفروض عليها، كان سبباً إضافياً وهاماً في تراجع الإنتاج الزراعي والحيواني، مما جعل المزارعين يعتمدون على ما تجود به السماء من أمطار، عبر تحولهم من السقاية إلى البعل في زراعاتهم، والتي قد تنقذ بعضاً من محصولهم، وإلا فسيكون الموسم جافاً، وبالتالي لن يكون هناك محاصيل، وسيعيشون الكفاف حتى المواسم القادمة، مع كل مترتبات ذلك من استدانة وبيع بعض المستلزمات أو الحاجيات المنزلية، بعد استنفاذ المدخرات كلها، ووصل الأمر إلى بيع قطعٍ من تلك الأراضي نفسها، من أجل تأمين ضرورات المعيشة والحياة، عند الكثير من أهالي المنطقة.

الغطاء الرعوي بمهب الريح

 

واقع مأساوي يعيشه الأهالي في تلك المناطق والقرى، سواء على المستوى الأمني والعسكري والحصار، أو على مستوى المعيشة ومتطلباتها الأساسية التي أصبحت عبئا ينوء بحمله هؤلاء، بالإضافة لما يخسره الاقتصاد الوطني بشكل كلي جراء خروج تلك الأراضي من حيز الاستثمار الزراعي والحيواني، لتغدو جرداء غير ذات جدوى، مع الأخذ بعين الاعتبار أن جزءاً هاماً من الغطاء النباتي الرعوي قد تدمر خلال السنوات المنصرمة أيضاً، بسبب نقص وشح المياه بشكل أساسي، مما أثر سلباً على قطعان الماشية والحيوانات الرعوية.

آمال معقودة على الهدنة وفك الحصار

 

الأهالي ينتظرون فك الحصار، وخاصة عن مصادر المياه، ويسعون من أجله، مع رغبتهم وأمانيهم باستكمال وقف الأعمال القتالية، لتشمل الهدنة كامل منطقة الريف الحمصي، بشماله وجنوبه وشرقه وغربه، كي يتمكنوا من العودة لممارسة جزء من حياتهم الطبيعية، وخاصة على مستوى تأمين مستلزمات البقاء، من خلال استعادة أنشطتهم الزراعية ومنتجاتها التي يعتاشون من خلالها، علماً أن هذه المنتجات والمحاصيل تؤمن جزءاً هاماً من احتياجات حمص المدينة، وغيرها من المدن السورية الأخرى.