مجانين عامودا والندوات الحوارية
انطلاقاً من علمنا بأن سورية مستهدفة من أعداء كثر، وخاصة من جانب أمريكا التي تريد تفتيت البلاد مستفيدة من أخطاء النظام, ولعلمنا أيضاً أن الحل الحقيقي للأزمة في سورية هو الإصلاح الجذري الشامل، فقد لبينا دعوة المركز الثقافي بعامودا لحضور ندوةحوارية عن الدستور السوري..
شهدت الندوة مداخلات كثيرة انقسمت بين مؤيد للدستور بشكل مطلق، ومعارض له بشكل مطلق، بالإضافة لمداخلات بينهما ارتأت تعديل مواد محددة من الدستور.. لكن الذي لفت نظري مداخلة من أحد مجانين عامودا، تحدث فيها بإسهاب عن الدستور، وماذا يريدهالشباب من دستور بلادهم، وكيف يمكن أن يلبي هذا الدستور حاجاتهم وطموحاتهم.. وأهم ما جاء في مداخلة هذا «المجنون» ما يلي:
«إذا أتينا بالكتب السماوية الثلاثة (القرآن والإنجيل والتوراة)، وجعلنا من هذه الكتب المقدسة دستوراً للبلاد، فهل هناك أفضل من هكذا دستور؟ بالتأكيد لا! ولكن ما معنى هذا الدستور إذا وضع على الرف؟.
يقال إن دستور كل من سويسرا والسويد من أفضل الدساتير في العالم.. ترى إذا أتينا بأحد هذين الدستورين، وبدلنا عنوانه وتابعيته، فأسميناه (دستور سورية الجديد)، ووضعنا هذا الدستور على الرف، هل سيكون لهذا الدستور من معنى؟
أنا أرى أن دستور سورية يعد من أفضل الدساتير في المنطقة، باستثناء بعض المواد التي تحدث عنها الزملاء المداخلون ومنها المادة الثامنة وتوابعها، ولكن المشكلة تكمن في عدم التعامل به أو عدم التعامل بمضمونه، وبهذا المعنى يقول لينين:
(إن ارقى الدساتير في العالم لا تساوي قيمة الورق أو الحبر الذي كتب به إن لم يقترن بالتطبيق العملي).
برأيي إذا كان التعليم والقضاء بخير يكون البلد بخير.. لندرس المادة 25 من دستور سورية الفقرة /3/.. تقول: المواطنون متساوون أمام القانون في الحقوق والواجبات. وهل هناك أفضل من هذه المادة؟ كلا، ولكن ماذا نرى في المدارس والدوائر؟ يتم تعيين المدراءوالموجهين إذا توفر شرطان فقط هما:
أ- أن ينتمي إلى حزب البعث العربي الاشتراكي.
ب- أن يكون عميلاً لإحدى الجهات الأمنية!.
ويفضل أن يكون عميلاً لأكثر من جهة.. إذاً، لا يتم تعيينهم حسب الكفاءات، ولهذا نجد بعض المعلمين والمدرسين يتم تعيينهم كمدراء أو موجهين مباشرة دون أن يدرّسوا الطلاب. وبعد مرور عدة سنوات يصبح الطالب مديراً على مدرّسه!!.
مثال: مدير ثانوية سابق يحمل شهادة المعهد الصناعي، بينما يوجد في ثانويته أكثر من خمسة مهندسين وعشرة مدرسين يحملون إجازة جامعية، وعندما سألت معاون مدير التربية: كيف يتم تعيين مثل هذا الشخص مديراً لهذه الثانوية؟ أجاب: نحن نصنع العجائبوهذه من عجائبنا!!.
وهناك سؤال أيضاً: هل نحن متساوون في الحقوق والواجبات في السلطة القضائية؟
جاء في الدستور السوري المادة /131/: السلطة القضائية مستقلة ويضمن رئيس الجمهورية هذا الاستقلال يعاونه في ذلك مجلس القضاء الأعلى:
أما المادة /133/ فتقول: القضاة مستقلون، لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون. هل هناك أفضل من هذه المواد؟ ولكن المشكلة تكمن في كيفية تعيين القضاة, فهي تتم بالطريقة نفسها التي يتم فيها تعيين المدراء والموجهين.. مع شرط آخر هو الدعم المالي.فكيف سيحكم هذا القاضي بالعدل إذا وقعت مشكلة بين الذي عين ذلك القاضي وبين شخص عادي؟.
كيف سيحكم هذا القاضي بالعدل إذا وقعت مشكلة بين الذي يملك المال والجاه وبين شخص عادي؟
كيف سيحكم هذا القاضي بالعدل بين رفيقه الذي عينه وشخص عادي؟.
المعنى من كل هذه الأمثلة أيها الأخوة، أيها الضيوف، أنه يجب وضع الرجل المناسب في المكان المناسب .
كان من أحد أسباب تراكم المشكلات التي أدت لانهيار الاتحاد السوفيتي وزير داخليته المسمى «لافرنتي بيريا» في عهد خروشوف، الذي ثبت أنه كان عميلاً لدولة معادية، وقد كانت مهمة هذا الوزير الحصرية هي وضع الرجل غير المناسب في المكان غير المناسب..وفهمكم كفاية!