!!تفقير وتهميش وقمع.. وتصعيد للاحتقان الاجتماعي
يوم الثلاثاء 7/2/2012 هناك من أراد وبإصرار جرّ محافظة السويداء إلى صدام أهلي دامٍ.. إذ خرج المئات من مختلف قرى ومناطق السويداء بمظاهرة في مدينة شهبا الواقعة في شمال المحافظة في ذاك اليوم للتعبير عن حالة تضامن أبعد وأعمق من الاختلاف السياسي وتقاسم السلطة، أكبر وأهم من النظام ومعارضته..
تضامن مع الوطن وفقط.. لكن كان الرصاص هو الصدى.. صحيح أن الرصاص كان في الهواء، لكن حالة العنف التي عُبّر عنها بإطلاق النار تمت بالاعتداء المباشر والعنيف على المتظاهرين من عناصر الأمن ومجموعات من «الشبيحة»، فضُرب المتظاهرون بالحجارة وطُعن أحدهم بالسكين ليُصاب بنزيف داخلي بالكلية، ثم حوصر المتظاهرون في بيوت عدة في مدينة شهبا، وهوجمت البيوت بالسواطير والسكاكين والحجارة، وهددت حياة كل من كان في تلك البيوت. مُنع المصابون من الخروج إلى المشافي ، و الأطباء من الوصول إليهم، كل ذلك و«الأجهزة المختصة» المسؤولة عن الحفاظ على حياة وسلامة وأمن المواطنين تتفرج..!
تدخل رجالات الدين في السويداء لفك الحصار وإسعاف المصابين- كان هناك سبعة مصابين اثنان منهم حالتهما حرجة، وكان من الممكن أن يتعرضا للموت بأية لحظة- ولم يحدث ما كان يخشاه الجميع... أم هكذا ظننا..؟!
منذ اعتصام الشموع بتاريخ 27/3/2011 للوقوف دقيقة صمت على شهداء الوطن كانت السويداء نموذجاً للحراك السلمي الوطني، مروراً بالاعتصامات المتكررة المطالبة بإطلاق سراح المعتقلين والمظاهرات وللتأكيد على وحدة الهم السوري والمطلب الشعبي.. لاللعنف.. لا للتدخل الخارجي.. لا للفساد.. نعم لإطلاق سراح المعتقلين.. ولالجرّ الوطن إلى اقتتال داخلي أهلي.. ودائماً كانت تقابل تلك الحالة بإنكار ورفض وقمع من الأجهزة الأمنية وغيرها من الأجهزة الحكومية،والتي كانت تشجع، بل تسعّر حالة من الصدام الأهلي مع الأسف.
طالما تحدثنا في جريدة «قاسيون» عن الاحتقان الاجتماعي الشديد والإهمال والتهميش والتفقير المتعمد الذي تعانيه المحافظة، وحذرنا من خطورة انفجار ذلك الاحتقان في غياب الحريات السياسية وقنوات التعبير الصحيحة، خصوصاً أن السويداء بأهلها هي أحد أعمدة الوحدة الوطنية، عضو من جسد الوطن الجريح رغم كل المحاولات من الجهات المتصارعة- النظام أو المعارضة- لعزل السويداء أو حصرها في مقولات طائفية لا تنتمي لتاريخ وعادات المحافظة.
في يوم الثلاثاء هتف أبناء السويداء «الدين لله والوطن للجميع» .. هتفوا ضد الفساد والاستبداد، ولربما يقول قائل: إن الأخطاء كانت من كل الأطراف، ولعل ذلك جزء من الحقيقة، لكن الحقيقة الأقوى والأهم أن لا خطأ بين أبناء الوطن يستدعي الرصاص والدم..
إننا إذ نطالب بإطلاق سراح المعتقلين في مظاهرة يوم الثلاثاء في السويداء وكل المعتقلين على خلفية الأحداث الأخيرة- إلا من تلطخت يده بالدم السوري-، نجدد التحذير من أن هذه الحادثة تنبئ بحوادث قادمة لن تكون في مصلحة الوطن.