منشار
في الجلسة الأسبوعية لرئاسة مجلس الوزراء المنعقدة بتاريخ 1/12/2015، وفي معرض النقاش حول فرض روسيا الاتحادية عقوبات اقتصادية على تركيا، وجه رئيس الحكومة الوزارات المعنية لدراسة المنتجات السورية الفائضة عن حاجة السوق لتصديرها إلى روسيا الاتحادية، بهدف سد حاجة السوق الروسية من بعض السلع التي كانت تستوردها من تركيا، وتحقق عائداً من القطع الأجنبي للاقتصاد الوطني، وخاصة مادة الحمضيات.
وحول دخول بعض السلع التركية للأسواق السورية بطرق غير قانونية، طلب رئيس الحكومة من وزارة المالية والاقتصاد والتجارة الخارجية والصناعة والجمارك بالتنسيق مع الاتحادات، منع دخول بعض السلع التركية للأسواق السورية، وكذلك السلع السعودية، واعتبرها مطالب شعبية محقة.
يشار إلى أن الحكومة قد وجهت سابقاً بمنع التعامل مع المنتجات التركية من قبل الجهات العامة استيراداً وتداولاً، وكان ذلك أيضاً تنفيذاً لمطالب شعبية، وبقيت حال الاستيراد والتهريب مفتوحة للخاص.
ويتساءل المواطن عن تلك المنتجات السورية الفائضة، التي ستلبي سد حاجة السوق الروسية!، وهل عملت الحكومة خلال السنوات السابقة على تعزيز الإنتاج بشقيه الصناعي والزراعي فعلاً؟، كي يكون لدينا فائض منه، قابل كي يكون بديلاً عن السلع التركية في السوق الروسية، وبحال وجوده فهو ليس بعيداً عن أيدي التجار والسماسرة والفاسدين أصلاً، على حساب المنتجين والبلد.
على ذلك فإن التوجيه المذكور سيفتح باب المزيد من الإتجار على حساب الاحتياجات اليومية للمواطن، وكله من أجل الحصول على القطع للاقتصاد الوطني!، وليس من أجل مصلحة جيوب البعض المستفيد عبر هذا التوجيه!، كما ليس لمصلحة تعزيز التعاون الاقتصادي مع روسيا الاتحادية!، ولو كان على حساب المواطن وسمعة المنتجات الوطنية التي سبق أن عانت منها السوق الروسية سابقاً، ناحية المواصفة والجودة والسعر، وتداولتها وسائل الإعلام فضحاً وتهكماً، نتيجة البحث عن الربح الكبير والسريع من قبل بعض التجار والمهربين والسماسرة بحينه.
وكان من الأجدى للحكومة عبر توجيهها أعلاه، أن تحدد سلفاً ضوابط ونواظم من قبلها لمنع الاتجار بالغاية النبيلة من الوقوف إلى جانب روسيا الاتحادية في تأمين بعض السلع البديلة من منتجاتنا المحلية، بعيداً عن السمسرة والفساد، وذلك بالتأكيد على أن تكون منتجاتنا القابلة للتصدير بهذه الحالة ذات مواصفة جيدة وجودة عالية وسعر منافس، أولاً كموقف داعم وحقيقي لروسيا الاتحادية بظرفها الحالي وموقفها المبدئي، وثانياً كون السوق الروسية سوقاً كبيرة وواعدة بحال تمكنا من فرض بدائلنا المحلية المنافسة فيها.
كما أن ذاك التوجيه الخجول بمنع دخول بعض السلع التركية والسعودية إلى الأسواق السورية، عبر عبارة التنسيق بين بعض الجهات العامة، سيكون وكأنه ذر للرماد في العيون، اعتباراً من عبارة (بعض) وصولاً إلى مفردة (التنسيق) وربط هاتين المفردتين بعبارة (دخول بعض السلع التركية للأسواق السورية بطرق غير قانونية)، وكأن الحكومة عليها حرج تجاه بعض المستفيدين من كبار التجار والمهربين المتعاملين بهذه البضائع والسلع الداخلة إلى أسواقنا.
وبالمآل لا نستغرب؛ فالحكومة تعمل لمصلحة هؤلاء كمنشار، فالتوجيهان أعلاه يصب محتواهما كمنفعة للتجار والسماسرة والمهربين، وغيرهم من الفاسدين والمستفيدين، مع تغليف بموقف سياسي اقتصادي ذي بعد دولي داعم إعلامياً لروسيا، وموقف محاب ومدغدغ لعواطف المواطن البسيط، الذي سيتكبد مغبة التوجيهين من جيبه وعلى حساب مستوى معيشته.