طرطوس..  توجيه ارتجالي.. ومعاناة

طرطوس.. توجيه ارتجالي.. ومعاناة

بين الغضب والسخرية والتحفظ، تلقى مواطنو طرطوس ذاك التوجيه القاضي بوقف جباية فواتير الكهرباء والماء في المناطق والبلديات، وتحويل الجباية إلى مركز جماعي واحد ضمن مركز المحافظة.

لم يعلم مواطنو المدينة من هي الجهة التي وجهت ذاك التوجيه، ولكنهم أدركوا أن ذاك التوجيه لم يراع بحال من الأحوال راحتهم كما لم يراع الظروف القاهرة التي يمر بها الوطن والمواطن، والصعوبات التي يتعرض لها المواطن يومياً، لتزداد معاناته عبر هذا التوجيه، الذي جعل من مركز المحافظة مكاناً لاكتظاظ المئات في طوابير الانتظار، من أجل تسديد ما يترتب عليهم من فواتير، ما يعني هدر الكثير من الوقت والجهد على الطرقات وأمام الحواجز، ناهيك عن المسافات التي بات المواطن مضطراً لقطعها للوصول إلى مركز المحافظة، بعد أن كان التسديد متوافراً في الكوات لدى البلديات وفي المناطق، بحيث أن كل مواطن كان يلجأ إلى أقرب مكان لسكنه كي يقوم بواجبه بعملية التسديد.

ليس ذلك فقط، بل ومن شدة الازدحام يضطر الكثيرون لمغادرة الطوابير، بعد طول انتظار وكثير من الجهد، دون قيامهم بالتسديد، على أن يعودوا مرة أخرى للقيام بهذه المهمة.

ويتساءل المواطنون عن المغزى والغاية من هذا الإجراء؟، عبر تكريس عبء مدينة بالكامل على عدد محدود من الموظفين!، وتكبيد المواطنين عناء قطع المسافات!، وإضاعة الوقت وبذل الجهد!، كما يتساءلون عن مصير الجباة في الكوى التي كانت معنية في مناطقهم باستلام قيمة الفواتير؟، وأعدادهم بالمئات، أين يمكن أن يتم الاستفادة من إمكاناتهم، التي باتت بجرة قلم دون جدوى؟.

وإذا كانت المشكلة، كما يقول البعض، هي الأتمتة والشبكات، فالجميع يعلم أن هناك مئات العاطلين عن العمل من الخريجين بهذا الاختصاص، والذين ينتظرون فرصة لممارسة اختصاصهم، فلماذا لا يتم توظيف البعض من هؤلاء في البلديات من أجل أتمتة العمل، تسهيلاً للإجراءات، وحفاظاً على الوقت والجهد، سواءً للمواطنين أو للجباة.

وبالنتيجة وبحال استمرار مفاعيل التوجيه أعلاه، فإن ما نخشاه هو عزوف المواطنين عن تسديد ما يترتب عليهم من استحقاقات، بسبب الوقت والجهد المضنيين، ناهيك عن تعميق حالة الغضب تجاه القوانين والدولة، حيث وبتوجيه واحد غير مدروس وارتجالي بات المواطن عرضة للمزيد من الضغوط الحياتية، إضافة إلى ضغوط الواقع المعاشي الذي يكابده يومياً، جراء ارتفاعات الأسعار وتجار الأزمة، الذي كان من الأجدى لو صدر بحقهم توجيه ما من جهة ما، للحد من جشعهم وإثرائهم على حساب المواطن والبلد.