الوعر الحمصي
حي الوعر الحمصي، هو الحي الأخير في حمص المدينة، الذي يعتبر خارج سيطرة الدولة، وهو محاصر منذ ثلاثة أعوام تقريباً، مع ما تعنيه تلك المفردة والمدة من حال مأساوي وصل إليه وضع الأهالي المقيمين به، والذين يتجاوز عددهم 100 ألف نسمة، وبقية أهاليه المقيمين بخارجه.
نقص الغذاء والدواء ومستلزمات الحياة المعاشية اليومية المزمن منذ ثلاثة أعوام، جعل من الأهالي مشرفين على كارثة إنسانية، وخاصة مع دخول الشتاء، وانعدام وسائل التدفئة، وتفشي الأمراض، وخاصة بين الأطفال والمسنين، على الرغم من السماح للطلاب والموظفين من الدخول والخروج، ضمن «ضوابط» لا تخلو من حالات الاذلال والابتزاز، إلا أنهم ممنوعون من إدخال أي غذاء أو دواء، إلا بكمية محدودة من الخضار فقط دون سواها من أنواع الأغذية الضرورية الأخرى، وبما لا يتجاوز 2كغ، مع السماح بدخول سيارة أغذية أو مساعدات بين الحين والآخر، خلال كل تلك السنين، تكاد لا تكفي النذر اليسير الذي يبقي الأهالي على قيد الحياة، ومرتبطة بسير عمليات المصالحة التي تتقدم حيناً وتتراجع أحياناً أخرى، ناهيك عن واقع انعدام المحروقات وانقطاع الكهرباء المزمن، إضافة إلى منع الأهالي من مغادرة الحي للإقامة في مناطق أكثر أمناً، وبحال تم ذلك فهو لقاء ابتزاز مبالغ مالية كبيرة تفوق إمكانات تلك الأسر.
أمراء السلاح أولاً
معاناة الأهالي تزداد من خلال ممارسات أمراء السلاح داخلاً، الذين يتصرفون بالحي والأهالي على أهوائهم، بما في ذلك تلك الواردات إلى الحي من الأغذية والأدوية والمساعدات، (على ندرتها خلال تلك السنين)، وكما يحلو لهم، حيث يخصون أنفسهم أولاً من تلك المواد، ويتحكمون بالبقية الباقية توزيعاً وسعراً على الأهالي، حيث وصلت أسعار بعض المواد والسلع الغذائية ومستلزمات الحياة اليومية لأرقام فلكية، يضطر الأهالي لدفعها كي يبقوا أحياء على شفير الموت جوعاً ومرضاً وقهراً، إضافة إلى المعاناة اليومية المتعلقة بواقع القصف المتبادل أحياناً، والذي يكون الأهالي المدنيين هم الضحايا والمتضررين الوحيدين منه غالباً.
الأهالي مع المصالحات ولكن..
هذا الواقع المزري المعاش منذ ثلاثة أعوام، دفع الأهالي للضغط من أجل إنجاح مساعي المصالحة، منذ فترة ليست بالقريبة، والتي يعترض عليها البعض من هنا وهناك، سواءً بالشكل المباشر، أو عبر افتعال مشاكل غير مباشرة، تعرقل التقدم باتجاه استكمال المصالحة، مما يزيد من الواقع المأساوي للأهالي يوماً بعد يوم وعاماً بعد آخر.
حيث وعند كل تقدم يتم بهذا الاتجاه يستبشر به الأهالي خيراً، عسى يستكمل وتنفذ الوعود المتبادلة به، كي يفك الحصار ويستعيدوا جزءاً من حياتهم، وخاصة على مستوى إدخال الأغذية والأدوية والمحروقات، ما يلبث أن يستنكف التقدم، لسبب أو لآخر، ليعودوا إلى واقعهم المزري، حصاراً وجوعاً.
الأهالي عاقدون الآمال
يشار إلى أن وفداً أممياً زار الحي خلال الأسبوع المنصرم، واطلع على واقع الأهالي المأساوي، ولكن هذا الوفد لم يعد الأهالي بشيء هذه المرة، كما وعد به سلفه منذ عدة شهور، ولم يستطع تنفيذ ما وعد به، وعلى الرغم من ذلك، ما زال الأهالي يعقدون الآمال على إمكانية إحياء المصالحات وإنجاحها، خلال الفترة القريبة القادمة، عسى ولعل تنجح وتستكمل، كي يستعيدوا حياتهم، ويتمكن أهالي الحي المقيمون خارجه من العودة إليه، ليستعيد الحي نشاطه ومظاهر الحياة فيه.
إعادة
مرة أخرى لا يسعنا إلا أن نعيد، أن من الأهمية بمكان تحييد المدنيين عن دائرة الصراع والأعمال الحربية والقتالية، وخاصة تلك الإجراءات المتمثلة بالحصار على مستوى الغذاء والدواء ومستلزمات المعيشة الأخرى، الذي يدفع ضريبته بشكل مباشر المدنيون دون سواهم، وخاصة الأطفال والمسنين، مع التأكيد على أهمية استكمال عمليات المصالحة، التي يساندها الأهالي ويسعون من أجلها، ولجم تلك الأطراف التي ظهر أن من مصلحتها تأجيج الصراع واستمراره، على حساب الأهالي والوطن.