جامعة حلب: الطلبة تحت رحمة القرارات الارتجالية!
أفضى اجتماع مجالس الكليات، في جامعة حلب كل على حدة، إلى اتخاذ قرار رسمي بتطبيق إلغاء «الأتمتة» في أقسام وأفرع الجامعة جميعها، مستثنين الكليات الطبية والهندسية، ليتم تطبيقه بشكل مبدئي في السنة الثالثة والرابعة لبعض الكليات كالاقتصاد والآداب من العام الماضي، وليشمل أيضاً برامج التعليم المفتوح وبوضعية التطبيق نفسها.
ياسمين سراج الدين
هو إلزام جاء تحديداً لطلاب كلية الآداب حصراً، ومن ثم للكليات جميعها، بحجة أن الأتمتة نظام فاشل وأدى إلى تردي مستوى الطلبة، وهو ما سبب انتشار ظاهرة أسئلة الدورات والأسئلة الذهبية.
شكاوى الطلبة
الشكوى جاءت من طلاب كليات الحقوق والأداب والاقتصاد، الذين كانوا الأكثر تضرراً من هذا القرار، حيث يعانون من أن أكثرية المواد الكتابية، وخاصة المواد الاختصاصية في السنوات المتقدمة بالنسبة لكلية الحقوق، أما في كلية الاقتصاد في السنتين الثالثة والرابعة فنظام «الأتمتة» ملغى بشكل كامل، علماً أن الكليات المماثلة في «اللاذقية وطرطوس ودمشق» أغلبية موادهم مؤتمتة، على الأقل بشكل متوازن.
في حديث لقاسيون :مع مجموعة من الطلبة ناقشوا به القرار، بعد محاولاتهم المتكررة في تغييره، والتي تكللت بالفشل، وتقدمهم بالعديد من الطلبات دون جدوى.
علق زاهر على القرار: سبب القرار ذاته غير مقنع وغير منطقي، فإن كان القرار لمنع ظاهرة أسئلة الدورات والأوراق الذهبية، فهو أدى لوجود سماسرة للمواد، وآخرون افتتحوا مكاتب دورات موازية لهذه الكليات، فأين الحكمة المدَعاة من القرار! وإن كان سيحارب فساداً بين الطلبة سببه فساد الهيكل التدريسي والإداري، هو إلغاء يصب في مصلحة الفساد وليس العملية التعليمية والطلبة.
أما مرهف فيقول: العديد من دكاترة المواد هم معارضون لنظام «الأتمتة»، بحجة أنه لا يعكس استيعاب الطالب للمواد، فعلق أحد الدكاترة على ذلك قائلاً: «يمكن لأي زبال أن يجيب عنها حينها!»، فهل يعقل في الوقت الذي يجب أن يتطور النظام التدريسي كي يبعدنا عن الحشو ويقترب من المستوى الأكاديمي، مازلنا نتعامل بعقلية قديمة وجامدة ومحنطة أحياناً، فالتصريحات الرسمية عن مصلحة الطالب كلها هي معاكسة لذلك في الحقيقة.
تضيف جهاد: النظام الكتابي جعل الطلبة تحت رحمة الدكاترة بشكل تعسفي، ناهيك أن الأسئلة غير وافية للمقرر، فكيف لخمسة أسئلة على سبيل المثال أن تختصر مقرراً يقع في 400 صفحة مثلاً، «لتضيف» إن كنا مصرين على موضوع الأتمتة ليس بحثاً عن السهولة، وإنما لأنه أشمل، يعني سنضطر لدراسة المقرر بشكل كامل، ولكن ليس بطريقة ببغائية وإنما بطريقة علمية، المشكلة أنه ليس لدى بعض الدكاترة عقلية تستطيع وضع متل هكذا نوع من الأسئلة، ما لن يسمح لهم حينها التلاعب بنسب النجاح، ما سيؤدي إلى خسارة «رزقتهم» من بيع الأسئلة، من خلال سماسرة معروفين.
وعلقت بأن: المشكلة ليست أيهما أسهل أو أصعب، وإنما كيفية تعاطي بعض الأساتذة معنا، حيث وصلت المزاجية في التصحيح حداً غير مقبول، ناهيك عن المحسوبية والفساد، التي تجعلنا نتقدم للمادة لأكثر من دورة دون فائدة، بسبب العلامة القاتلة، التي تحرمنا من العلامات المساعدة، أو أي وسيلة انقاذ.
»كاميليا تضيف قائلة«: هذا القرار الصادر عن مجالس الكليات بإلغاء الأتمتة، التزمت به كليات دون أخرى، فالاستثناء فتح هامشاً لمزاجية التطبيق تحت ذريعة طبيعة المواد الدراسية.
النتيجة.. نقل أو هجرة
ينتج عن ذلك نقل العديد من الطلبة دراستهم إلى جامعات أخرى، من أجل ترفيع موادهم وتجاوز الصعوبات غير المبررة، الموضوعة في طريقهم في جامعتهم الأم، في حين أن آخرين بدوا عاجزين عن ذلك، بسبب ظروفهم المادية الصعبة، لتكون الهجرة خيار البعض الآخر، فسحبوا أوراقهم وغادروا خارج البلاد بسبب صعوبة الدراسة والظلم الممنهج في تصحيح المواد الكتابية.
ختاماً..
أما آن لوزارة التعليم العالي، ومجلس التعليم العالي، أن يضعا ويفرضا، نموذجاً موحداً لأنظمة التعليم والامتحان والتصحيح، على مستوى الجامعات والكليات السورية كافة (بأنظمة التعليم العديدة لديها)، بعيداً عن الرغبات الشخصية أو الرؤى أحادية الجانب، لرئيس الجامعة ذاك أو عميد الكلية تلك، التي ينجم عنها قرارات شبه ارتجالية، وغير محسوبة النتائج، خاصة على مستوى الغايات والمخرجات المستهدفة، من خلال تلك الأنظمة، وتحديداً على مستوى الطلبة، وحسن توظيف واستثمار إمكاناتهم التعلمية، بدلاً من حال الفوضى والصعوبات التي يعاني منها هؤلاء.