ما هكذا تحصّل الحقوق!
فاجأت هيئة التربية والتعليم، في الإدارة الذاتية الديمقراطية، بالقامشلي، الأهالي بقرارها الأخير، القاضي بإلزامية التعليم باللغة الكردية، في الصفوف الثلاث الأولى، من مرحلة التعليم الأساسي، وبإلغاء تعليم مادة اللغة الانكليزية حتى الصف السادس، بزعم (عدم ضرورتها)، ليس ذلك فقط، بل بفصل الطلاب في الصفوف الثلاث الأولى، على أساس عرقي، حيث يتم التعامل بمنهجين تدريسيين، أحدهما باللغة الكردية، والآخر باللغة العربية، حسب الإنتماء العرقي للتلاميذ.
تجربة سابقة
في العام المنصرم، قامت تلك الهيئة، بفرض حصص إضافية، باللغة الكردية، على المنهاج الرسمي المعتمد، ومن خارجه، وقد تم تمرير الأمر، وأصبح في حكم المسكوت عنه من قبل الجهات الرسمية، طالما أن اللغة الكردية كانت تدرس بالتوازي مع المنهاج الرسمي.
وزارة التربية وجهت
أما والحال كذلك الآن، بعد قرار هيئة التربية والتعليم في الإدارة الذاتية، فقد وجهت وزارة التربية، بإغلاق المدارس في المنطقة، وتم توجيه الكادر العامل بالحقل التدريس، (مدرسين – موجهين – مدراء..)، لإثبات الدوام بإحدى المدارس، ريثما يتم إيجاد حل، لاستمرار العملية التعليمية، على سبيل المثال، تم إغلاق 18 مدرسة من الحي الغربي فقط.
ضياع العملية التعليمية
وبنتيجة ما سبق، بات كثير من التلاميذ، خارج العملية التعليمية في المحافظة، حيث رفض جزء هام من الأهالي هذا التوجه، بالإضافة الى أن الجزء الميسور الحال من الأهل، نقل أبناءه إلى المدارس الخاصة، الملتزمة بالمنهاج المعتمد من قبل وزارة التربية، والسبب الرئيسي وراء ذلك، مرده عدم رغبة أولئك بعملية الفصل العرقي بين التلاميذ، إضافة إلى الغاية الاقتصادية من خلال العملية التعليمية، بنهاية الأمر، عبر البحث عن فرص العمل، لاحقاً، أو الاستمرار بالتعليم في المراحل العليا منه.
الحقوق القومية الثقافية مشروعة .. ولكن
مع تأكيدنا الدائم والمستمر، على مشروعية المطالب بالحقوق القومية الثقافية وغيرها، لمكونات في المجتمع السوري، وأهمية ضمان، قوننة وشرعنة، تلك الحقوق، ولكن ليس بأسلوب سياسة فرض الأمر الواقع، وليس على حساب البنى المجتمعية، الأمر الذي صاغته وفرضته، هيئة التربية والتعليم في الإدارة الذاتية، وبشكل ارتجالي غير مدروس، ومتعارض، حتى مع مفهوم الإدارة الذاتية الديمقراطية، وفلسفتها، وخلفيتها الفكرية والنظرية المعلنة.
أخيراً
حرصاً على سلامة العملية التعليمية، والتي غايتها أولاً وآخراً، التلاميذ والطلبة والمجتمع، فإن المطلوب من الإدارة الذاتية الديمقراطية، في القامشلي، أن تراجع مع هيئتها الخاصة بالتربية والتعليم، القرار أعلاه هذا من جهة، ومن جهة أخرى أن تبادر الجهات الرسمية إلى قوننة تدريس اللغات المحلية كلغات وطنية سورية، وتوفير مستلزمات تدريسها من كادر ومناهج وغيره، والابتعاد عن الأساليب الارتجالية، التي تنعكس سلباً على العملية التعليمية، والبنية المجتمعية في المنطقة.