دعم النخالة.. ليس لمستحقّيه!
منذ أكثر من عشرة سنوات، اعتمدت الحكومات السورية المتعاقبة على دعم الفلاحين (مربّي الماشية) بسعر مخفّض لمادة النخالة بغرض تقديمها كعلف لمواشيهم.
حيث يباع لهم كيلو الغرام بسعر (7 ل.س) من خلال إحصاء دوري تقوم به اللجان المشكلة من قبل اتحاد الفلاحين. واستناداً إلى بياناتهم وإحصاءاتهم يتم تخصيص الحصص لكل مربٍّ. ومن المعروف أن مادة النخالة لا نستوردها من الخارج، حيث تقوم المؤسسة العامة للحبوب والمطاحن على إنتاج هذه المادة وتغطي حاجة السوق المحلية وتفيض. ومن المعروف أيضاً أن معامل الأعلاف في سورية تشتري حاجتها من مادة النخالة من السوق المحلية (السوداء) كونها مادة رئيسة في تصنيع الأعلاف. حيث تؤمّن حاجتها عملياً من الفائض عن حاجة المربّين. وبسعر (47 ل.س). وهذه القيمة (40ل.س) الفارق ما بين السعر التي تبيعه الدولة والسعر الذي يباع لمعامل الأعلاف، تتوزّع على كل من شارك بهذه اللعبة القذرة المؤذية لاقتصادنا. والتي تبدأ من المربّين الذين وللأسف الشديد يقومون بتقديم إحصاءات وهمية مبالغ جداً بها عمّا يملكون من مواشٍ بغية الحصول على أكبر قدر من المخصصات، والمتاجرة فيها بالسوق السوداء. مروراً بالجمعيات الفلاحية وروابطها، التي تتواطأ مع كافة الجهات المعنية بنقل ملكية وحيازة النخالة ورقياً (وهمياً)، وصولاً إلى الاتحاد العام للفلاحين الذي يعلم تاريخياً بهذا الهدر لثروتنا الوطنية والذي يبلغ سنوياً مئات الملايين.
لقد كانت الدولة حريصة خلال حقبة معينة من تاريخ سورية على تقديم الدعم لمستحقّيه، وبالرغم من أنه يوجد لدينا العديد من الملاحظات على سياسة الدعم التي كانت مطبّقة، لكن وكما يقال (الرمد أفضل من العمى). وفيما يخص موضوعنا نقول: (عوضاً عن أن تدخل الـ(40 ل.س) إلى خزينة الدولة، فإنها تذهب إلى جيوب الفاسدين بحلقاتهم المتعددة.)
إن الحلّ ليس بإلغاء الدعم كما يطالب البعض لحلّ هذه المشكلة. ولكن بمحاسبة كل من تورّط ويتورّط في الفساد، سواء بخصوص هذه الحالة أو الحالات الأخرى المشابهة.. ومن جهة ثانية ضرورة تأمين مخصصات معامل الأعلاف من هذه المادة وفق بيانات صحيحة تبعاً لحاجتهم، وليس بالسعر المدعوم بل بالسعر الذي تراه الحكومة مناسباً. وأصحاب المعامل راضون بذلك كما أفاد عدد منهم، فيتخلّصوا بذلك من ابتزاز موظفي المرافق الحكومية الذين لهم علاقة بهذا الموضوع. وبالتالي نلغي دور حلقات الوسطاء الذين اغتنوا ويغتنون من جرّاء وصول هذه المادة إلى أصحاب المعامل.