حكومة الزيادات المباغتة: ترفع تعرفة الاتصالات!
ردود المواطنين على قرارات الزيادة الأخيرة على تعرفة مكالمات الخليوي كانت انفعالية ومتهكمة، أما وزير الاتصالات فقد وصف الارتفاعات بالسعر بأنها عادية وليست مرتفعة. يقول المواطن إنه لم يعد يحتمل هذه الزيادات غير المتوقعة وغير المنطقية، ويستغرب أيضاً إصرار الحكومة عليها دون مبرر منطقي في ظل واقع اقتصادي قاسٍ، ودخل مادي لم يعد كافياً للصمود في وجه الغلاء والاحتكار.
أبو سعيد عندما سمع بخبر زيادة الخليوي ضرب جواله النوكيا 6120 على الأرض، وقال: (بطلنا الغني)، وأنهى علاقته مع هذا الجهاز السحري، فيما جاره الشاب قال وهو يضحك: يا عمو أبو سعيد نستطيع تقليل اتصالاتنا، ولكن هل نستطيع أن نمنع الطعام عن أبنائنا؟.
في المبررات
وزير الاتصالات والتقانة محمد غازي الجلالي قال في تبرير هذه الزيادة: (ارتفاع نفقات شركات الخليوي وخاصة أنهم استثمروا بالطاقات المتجددة، كما تعرض جزء كبير من شبكتهم للتخريب واضطروا لتجديدها)، وهنا يعني أن على المواطن دائماً أن يكون هو حصالة نقود الخسارات، كما هو حصالة نقود الأرباح، وهنا هل من الممكن أن نسأل: أين ذهبت هذه الشركات بالمليارات الطائلة التي سحبتها من جيوب السوريين عندما فرضت عليهم أجهزة بائدة بأسعار خيالية، واشتراكات خرافية من أجل اشتراكهم بالخليوي الذي كان مفاجأة مذهلة للسوريين قبل 15 عاماً؟
المبرر الثاني الذي يسوقه الوزير وهو التالي: (نفقاتهم بالقطع الأجنبي بينما إيراداتهم بالليرة السورية وبالتالي أصبح من الصعب الموازنة بين النفقات والإيرادات)... إذاً هم يعوضون فارق صرف الليرة أمام الدولار على حساب المواطن، وهذا يعني أن سلماً سنصعده من الزيادات كلما ارتفع الدولار، والزيادات مفتوحة، وهذا يعني صوابية رأي أبو سعيد بترك الغناء؟.
فوائد مشتركة للجميع؟
وزير الاتصالات في سياق المبررات التي يسوقها للزيادة يرى من نظرة شمولية ما لا يراه المواطن من فوائد تعود عليه.. فلماذا؟. لأنها تعود على الدولة بإيرادات لا يراها المواطن إلا في الخدمات التي تصله رغم أنها شفافة ولا يراها بسبب (قصر نظره)، وعدم إدراكه لحجم النفع العائد عليه خدمات وسواها!.
يقول الوزير الجلالي: 10 مليار جديدة ستذهب إلى خزينة الدولة، ما يعني أن ارتفاع الأسعار سيعود بالفائدة عليها أيضاً)... أي الدولة، وكلما دخلت الخزينة إيرادات مالية جديدة وإيرادات الاتصالات بالطبع خيالية، فهذا سيعود على المواطن من باب خدمة جديدة ستؤمنها الدولة؟؟؟... وقد يتساءل مواطن: ولكن أين هي الخدمات في ظل ارتفاع أسعار كل شيء، وغياب الرقابة، والاحتكارات التي يمارسها التاجر الحوت على التاجر الصغير، وكلها تعود على المواطن باعتباره الحلقة الأضعف؟.
زيادة.. سخيفة
وفوق كل هذا يرى السيد الوزير أن (زيادة الأسعار ليست كبيرة «ولا تتجاوز 20 بالمئة بالنسبة لمشتركي الخطوط مسبقة الدفع» فيما لم يطرأ تعديل على أسعار خدمة جي بي أر أس ورسائل الوسائط المتعددة والرسائل القصيرة، وفي حال تحويل سعر دقيقة الاتصال إلى القطع الأجنبي تكون الأسعار في سورية من أرخص الأسعار في المنطقة).
يعزينا الوزير أن باقي الخدمات لم تزل على حالها، ولم تصبها الزيادة وهذا خير، ومن ثم يقوم بتحويلها من الليرة إلى العملات الأجنبية فيستنتج أنها زيادة تافهة، وأنها قياساً لدول الجوار تبقى الدقيقة الخليوية السورية هي من أرخص الأسعار؟.
تقاليد حكومية
حكماً هي ليست المرة الأولى التي تفعلها الحكومة، وترفع أسعار سلع تخص المواطن مباشرة، ودون أن تستشيره أو تقدم له بعض المؤشرات على أنها بصدد هكذا إجراء، وكل ما تتكفله هو إصدار قرار ليلي (وهو ما تفضله) من ثم يعقد الوزير المختص مؤتمراً صحفياً أو يدلي بتصريح يقدم فيه مبررات هذا القرار، والأدهى أنه يمتدحه، ويمطر المواطنين بأفضال الحكومة عليهم بهذا القرار، والمنافع التي سيجنونها من دفع مالهم ووقوفهم في الطابور الجديد.
فعلتها الحكومة عندما رفعت أسعار المحروقات في كل مرة، ولم تكن شفافة في التعاطي مع المواطن، وزادت في ذلك عندما نكثت بوعودها في تأمين المادة للمواطن بسرعة، ووعدته ببواخر وسفن لم تصل، وتركته يقضي الشتاء تحت رحمة أبناء السوق السيئة السوداء، وحتى الآن في أغلب مناطق الريف لم يأخذ المواطن حصته في الـ 100 لتر الموعودة.
الأمر الذي يستوجب الذهول هو أنها (الحكومة) الرشيدة تركت المواطن عرضة لنتائج قراراتها، فلم تعدل في أسعار تعرفة النقل إلا بإجحاف لطرفي المعادلة (المواطن- الحافلة)، وتركتهم يتصارعون، فهي تضع على سبيل المثال أجرة نقل الركاب من قطنا إلى كراج السومربة بـ 37 ليرة بينما يدفع المواطن 100 ليرة عن رضى بسبب تكافله مع ظلم من وضع التعرفة.
أبو رائد: الحكومة ترفع الأسعار ونحن نتقاتل على التعرفة، ونحن والمواطن مظلومان بينما الوزير يتفرج، ويبتسم لكاميرات التلفزيون، ويركب سيارته الفارهة.
مراد طالب: أحتاج يومياً إلى 300 ليرة كحد أدنى أجرة مواصلات بين مدينتي والجامعة، وهذا طبعاً عدا عن الطعام وثمن الكتب والملخصات التي يفرضها الأساتذة بالاتفاق مع أصحاب المكاتب، ولا يوجد أي عمل يساعدني ويساعد والدي في تعليمنا.
النتائج المجحفة بحق المجتمع لا يراها الوزراء في سياساتهم الحكيمة، بل يبررون لقرارات على أنها في صالح المواطن، بينما الحقيقة أننا ندفع مع كل قرار في منتصف الليل ثمناً كبيراً سيطيل نهارات أبنائنا الغامضة.