أمنيات بسيطة.. للبلاد النازفة
دقت ساعة السنة البغيضة على أغلب السوريين مع أمنيات هامسة بأن تكون القادمات من الأيام أفضل حالاً، وأقل دماً، وخلف هذه الصورة التي تحاول التفاؤل خوف وخشية من استمرار جريان الدم الغالي، ودمار أكبر لمنازل كانت آمنة بأرواح أهلها الذين لا ذنب لهم سوى أنهم ما زالوا هنا يدافعون عن حقهم في الحياة فقط ببعض اليقين.
لا أحد سيغني لـ 2015 سوى بعض الغائبين عن الحزن الجماعي، فقط ابتهالات ورجاءات أمهات وأخوات فقدن أعزاء في الطرق الطويلة المؤلمة إلى الأمل، سوف تبكي (يارا) غياب أبيها الجندي، وتشهق (فائزة) لذكرى زوجها الموظف الذي قتلته قذيفة هاون عمياء، وأما (ياسر) فقد قرر أن يغط في نوم عميق يتحدى كل كوابيسه منذ أن سقط ابنه صريعاً في تفجير بلا عنوان.
من بعيد... رسائل الهاربين من الموت، والمهجرون إلى بلاد مجاورة وبعيدة، أكثر ما يمكن أن يفعلوه لهذه السنة رسالة الكترونية أو مكالمة (فايبر) لا تستطيع أن تمسك يد شقيق أو تقبل يد أم حزينة في رأس السنة.
الغرقى الذين ماتوا في رحلة البحث عن وطن مؤقت ريثما تحط حمائم السلام... الموتى الغرقى يعايدون الملح، ويكتبون تاريخ أسوأ أشكال الموت البشري، ويتذكرون أحلامهم ووطنهم بأنين سيملأ المتوسط دموعاً وعويلاً، وأما أهاليهم فما زالوا ينتظرون أن تحمل موجة حانية طيف قتلاهم الصغار، أو أن يأتوا ليلة العيد كملائكة مطعونة بالحلم.
هنا....أحلام الناس العاديين وهم كل الوطن إلا قليلاً...هنا يحلمون ببعض الدفء، وكهرباء معتدلة، ومشوار مسائي بسيط، فالأوضاع الاقتصادية للناس تنهار يوماً بعد آخر، فالسنوات الأربع الفائتة وظروف الحصار ألقت بكل ما فيها من قسوة على البسطاء، وأغرقتهم في عتمة وبرد وشح، وهاهم هذه الليلة يواصلون الدعاء بأن تكون هذه السنة سنة خالية من الدم، والفاسدين، والانتهازيين الذين أثروا وانتفخوا على حساب لقمتهم ودفئهم.
سنة أخرى...المتفائل فيها يتمنى أن تمد أكف المصالحة والسلام بين أبناء الوطن الواحد، وأن لا تعلو راية سوداء في سمائنا، وأن يعود الهتاف القديم الأبدي لبلاد آلمتها الحرب، وتشظى أبناؤها أجساداً وفي بلاد كثيرة.
لك السلام أيتها البلاد النازفة.