الحسكة.. انفراج ملحوظ في الخدمات الأساسية يحتاج للاستمرارية
تشهد محافظة الحسكة خلال الفترة الحالية تحسناً ملحوظاً في الخدمات الأساسية، يشمل الكهرباء والماء والاتصالات وغيرها من الخدمات الضرورية، ويأمل سكان المحافظة الشاسعة أن لا يكون الأمر مؤقتاً بعد تجارب سابقة استمرت فيها الخدمات لأيام مؤقتة قبل أن تعود إلى وضعها السيئ الذي يتعذر معه استمرار الحياة بشكل طبيعي.
وبشكل متتابع، بدأت ساعات تقنين الكهرباء تقل بعد أن وصلت إلى أكثر من عشرين ساعة، لتصبح اليوم بحدود عشر ساعات فقط، بينما تصل المياه لأغلب أحياء المدن الرئيسية في المحافظة، لاسيما مدينتي الحسكة والقامشلي الرئيسيتين بعد معاناة صعبة مع انقطاع المياه عن المنازل.
كما عادت الاتصالات الخليوية والثابتة للعمل مجدداً، وأصبح إجراء الاتصالات الداخلية والقطرية ممكناً، ما ساعد الأهالي على التواصل مع ذويهم في باقي المحافظات والاطمئنان عليهم في ظل الظروف الحالية التي اضطروا فيها للاستعانة بشبكة الهاتف الخليوية التركية التي تصل لبعض المناطق الحدودية مع تركيا، رغم تكلفتها العالية.
وانخفض سعر جرة الغاز خلال الأسبوع الماضي إلى ألفي ليرة هبوطاً من سعر خمسة آلاف ليرة الذي وصل له سعر الجرة قبل أيام قليلة، وما يمثله ذلك من استغناء كثير من العائلات عن الاستعانة ببّور الكاز الأثري، الذي عاد لمجده خلال العامين الماضيين في ظل عدم توفر الغاز أو ارتفاع سعره لمستوى يصعب على الأهالي شراؤه.
عودة الأمل
أصبح توفر الخدمات الضرورية حديث سكان المحافظة النائية التي تعرضت لحصار فصلها عن باقي المحافظات السورية، ويأمل السكان أن لايكون الأمر مؤقتاً بعد أن فقد الأهالي قدرتهم على مواجهة الظروف الصعبة خلال الفترة الماضية، واستنفذوا كل مدخراتهم في تأمين أساسيات الحياة.
وسيعني استمرار الوضع على ماهو عليه اليوم، استغناء الأهالي عن كثير من المصاريف الإضافية التي كانوا يدفعونها لتأمين متطلباتهم الأساسية، ولاسيما الاشتراك بمولدة الكهرباء الخاصة المنتشرة في الأحياء، والذي لا يقل عن أربعة آلاف ليرة شهرياً، إضافة للهاتف الخليوي التركي الذي يكلف في المتوسط ثلاثة آلاف ليرة شهرياً، إضافة لشراء المياه من صهاريج خاصة، والحصول على جرة غاز بسعر معقول.
الوصول للريف البائس
تصنف محافظة الحسكة كمنطقة آمنة خاضعة لسيطرة لدولة بشكل شبه كامل، باستثناء بعض مناطق الريف الجنوبي للمحافظة، وهو ريف بائس عانى سنوات طويلة من التهميش الحكومي، وفي ظروف الأزمة حمل بعض سكانه السلاح مع المجموعات التي تسيطر على المنطقة، أو لجأوا إلى العمل في تكرير ونقل وبيع النفط في مصافي أهلية بظروف صحية قاتلة يسببها التلوث الرهيب الناتج عن التكرير البدائي.
ويلقي هذا الواقع البائس، مسؤولية كبيرة على الجهات الحكومية في المحافظة، لانتهاج خط آخر يتمثل بتجنب العمليات العسكرية إلا في حالات الضرورة، والعمل على تحقيق خط مصالحات وتسويات تضمن وصول الخدمات الأساسية إلى الأهالي، وما يظهر مؤسسات الدولة كراعٍ لكل مناطق المحافظة. ويخلق البيئة المناسبة للحد من تلاعب الجماعات المسلحة بمصير أبناء تلك المناطق، ويمكن أن تكون التسوية التي جرت في حي غويران قبل أيام، داخل مدينة الحسكة، نموذجاً للاقتداء به، بعد أن غادر المسلحون الحي، وعاد الأهالي لمنازلهم التي هجروها، ويكتسب العمل على الهدن والتسويات في هذا الوقت بالذات، أهمية كبرى بالتزامن مع بدء العام الدراسي الذي لم يبدأ في الريف الجنوبي لحد الآن، لابل أن أغلب مدارسه يتعذر افتتاحها في هذه الظروف، كما أن موسم قطاف القطن الذي سيبدأ بعد أيام في المحافظة سيحتاج لجو آمن يضمن وصول هذا المحصول الاستراتيجي من الريف إلى مراكز الاستقبال الحكومية.