من الذاكرة : نسمات نديّة
دفعتني – منذ شببت- مشاعر التقدير والإعجاب والاحترام لمن يستحقونها، سيّان إن كانوا رفاقا أو كن رفيقات، إلى رصد واقع الأفعال، وبالأصح واقع النضال على شتى الأصعدة السياسية والحزبية والجماهيرية، مما أغنى ذاكرتي برصيد هام ووافر من الأخبار والمعلومات والمشاهد والشواهد على نجاحهم في أداء أدوارهم المشرفة في صفوف الرفاق وبين الجماهير المحيطة بالحزب وجماهير الشعب بشكل عام
فقد حملوا هموم الكادحين بسواعدهم وأدمغتهم، وتبنوا قضاياهم وتطلعاتهم، فما توانوا في الدفاع عن الحقوق العادلة والمشروعة، ولا في السعي الجاد قولاً وفعلاً في سبيل تحقيق الآمال بغد أكثر عدالة وإنسانية، ولن يتسع المجال هنا لسرد- لو- خطوط عريضة منها وعنها، وسأكتفي بالمرور على عناوين لبعضها فهناك كمّ كبير ينتظر جهود الكثيرين من الرفاق لتسجيله وتوثيقه ليبقى تراثا حافزاً لأجيالنا الشابة على مواصلة النضال في ميادينه الحقيقية الوطنية والطبقية. لقد كان خبر وفاة الرفيقة هيفاء بغدادي السبب في سرد هذا الكلام الطافح بأحاسيس الامتنان والاعتزاز والوفاء لكل من قدّم ما في وسعه من جهد وعطاء قدر عليه لخير شعبه ووطنه، ممن رحلوا أو مازالوا أحياء، وسيكون حديثي اليوم بالتحديد عن الرفيقات، بعضهن عملن باسم الحزب في الإدارة المحلية، ففي مجلس محافظة دمشق الذي أمضيت فيه اثني عشر عاماً، أتيح لي خلالها العمل المشترك لسنوات مع الرفيقات:
- نبال سلو «الهدوء- احترام الوقت والعمل- الطيبة- السعي لاكتساب المعرفة والخبرة- الإخلاص في تنفيذ المهمات».
- ناديا خوست «الجرأة والحزم- المثابرة- مجابهة الحجة بالحجة- والهاجس دائما الوطن والهوية الوطنية»
- جميلة حيدر «التجربة الغنية- الجهد الواضح في التحضير والأداء- تقبل الملاحظة والنقد- سعة العلاقات الاجتماعية».
- هيفاء بغدادي « الحركة النشيطة- المرونة في التعامل ولا سيما في الوسط الشعبي- حسن الإصغاء- الانضباط- برمجة العمل ومتابعة النتائج».
أما في مجال الحي الذي أسكنه وعملت فيه طويلاً، فقد تعرفت إلى رفيقات ظلت «أسماؤهن» متألقة في الذاكرة، وذلك خلال الاعتصامات والمظاهرات والوفود المطلبية والتوقيع على العرائض والدورات والمخيمات والرحلات والمعارض والعمل التطوعي - زمن الحرب – في المشافي والمصانع وغيرها من النشاطات ومنهن: حفيظة أم منال وأم رامز خلو وأميمة أم بكري وأم بشير وبشرى وخالدة وفرات أم عمار وفلك أم جوان وعائشة وهدى وهيام وفتحية وأم ثائر وجيهان وهيف ونورا وأم عمار ميرخان وفريزة أم عصام وهدى أم وسام ومحاسن أم نور ونيروز وصباح وإيمان وجمانة وأم خلدون وهيام ووفاء وهناء المصري و...
هذا غيض من فيض ما عندكم أيها الأعزاء، فلدى كل منكم الكثير - ولا شك – مما يعرفه من غالي ذكرياته ومحفوظ ذاكرته، واستحضاره سيكون بالتأكيد بمثابة نسمات رخية عاطرة تنعش في صدره مشاعر لا أجمل منها ولا أروع. في أجواء يستميت الأعداء ومن في ركابهم من فاسدين ومفسدين في جعلها «صحراوية».