المخدرات.. الظاهرة تنتشر!  وتجارها من أصحاب «النفوذ»

المخدرات.. الظاهرة تنتشر! وتجارها من أصحاب «النفوذ»

صرحت وزارة الداخلية السورية العام الماضي بأن الظروف الصعبة التي تمر فيها البلاد وبسبب المعارك الموجودة على الحدود وتدهور الوضع الأمني، ولدت بيئة مناسبة لتهريب المخدرات عبر سورية، أو استثمارها في الداخل.

«يمكن الحصول على المخدرات بسهولة، وأغلب من يقوم بتأمينها هم أناس صار لهم نفوذ معين خلال الأزمة الحالية كما يزعمون، وفي العديد من المناطق هناك شخص معروف ورقمه موزع على المدمنين للحصول على المخدرات بطريقة معينة لا تخلو من الحيطة والحذر» بحسب بعض الشبان الذين أكدوا بأنهم يحصلون على «الحشيش» حين يريدون وبـ«سهولة» حسب روايتهم.

أطلبْ «تُلبى»...

وقال الشاب «س»، وهو طالب في جامعة دمشق، إن «الحصول على المخدرات حالياً بات سهلاً أكثر من السابق، وهو أمر منتشر جداً، ويكفي أن يكون لدى الشخص رقم التاجر ليتواصل معه ويعطيه الضمانات بأنه فعلاً زبون أو من طرف زبون ثقة، وبعدها يتم التسليم بالمكان والزمان اللذين يحددهما التاجر».

وحسب زعم الشاب نفسه «هناك مناطق معينة يمكن الحصول على المخدرات من خلال تجارها، وغالباً ما تكون هذه المناطق آمنة مشيراً إلى أن «أغلب التجار هم أشخاص من ذوي النفوذ الحاصل مؤخراً»، دون أن يشرح ماهية النفوذ الذي يملكونه.

ينتشر في المناطق الآمنة

بعض الشبان الذين حصلوا على مادة «الحشيش» من تجاررووا لقاسيون، معلومات عن انتشار هذه الظاهرة، حيث أكد «ر.ح»، طالب جامعي أيضاً، أن «من يريد الحشيش غالباً ما يقصد مناطق محددة باتت معروفة لمن يتعاطى هذه المواد».

وأشار إلى أن «الحصول على الحشيش داخل بعض أوساط طلبة الجامعات ممكن كغيره من الأوساط»   

وفي رواية اخرى: «في أحد أحياء دمشق، هناك شاب صغير في العمر، ابتاع منه البعض مادة الحشيش، وهو معروف لدى المتعاطين، ويملك سيارة مارسيدس فخمة، يستخدمها عند ذهابه للزبائن، ما يدل على نفوذ معين لهذا الشخص أو أنه ذو صلة بشخص محمي بطريقة ما».

الصيدلية و «ما تيسر»!

وأكد شاب آخر يدعى «م. د»، طالب جامعي، أنه «هناك تجار مختصون بأنواع معينة من المخدرات، فتاجر الحشيش ليس تاجر الحبوب أو الكوكائين، ولكل منهما اختصاصه» أغلب الأحيان إلا ما ندر، مشيراً إلى أنه «قد يلجأ بعض الشبان للصيدليات للحصول على ما تيّسر من أي دواء مخدر عند عدم توافر النوع الذي أدمنوا عليه».

وأردف قائلاً «إن حبوب الكبتاغون المنشطة والتي تسبب الإدمان أيضاً، منتشرة بكثرة، عدا عن أنواع حبوب أخرى ليست محظورة البيع في الصيدليات، وقد يستخدمها المدمنون بدلاً عن الحشيش عند عدم توفره».

وعلى هذا قال الصيدلي «محمود. س» إن «مدمني المخدرات والذين يتعاطون الأنواع الكيميائية، يلجؤون للصيدليات عند كل جرعة للحصول على حقنة فارغة، وهنا لا يوجد قانون يمنع من بيع الحقن الفارغة ولو كان الشخص مدمناً على المخدرات»، مضيفاً أن «هؤلاء المدمنين يمكن التعرف عليهم بسهولة من شكلهم أو طريقة طلبهم للحقنة، فهم يطلبون حقن الأطفال أو الانسولين كونها برأس ضيق، ليستطيعوا حقنها في الوريد دون أضرار».

وتابع «هناك شبان مدمنون يستعيضون عن الأنواع التي أدمنوا عليها حين عدم توافرها، بأدوية مسموحة البيع دون وصفة، لكنها تسبب آثاراً جانبية كالخمول الشديد ليحصلوا على شعور قريب من التخدير، ومن هذه الأدوية فاتح الشهية».

تهمة «الكبتاغون» 

وآلية التصنيع المحلي

جميع التقارير الدولية والعربية، تتهم سورية بإنتاج حبوب «الكبتاغون»، التي تسبب الإدمان وتندرج ضمن أصناف الحبوب المخدرة، رغم أنها من المنشطات، وبحسب تقرير لوكالة «رويترز» بتاريخ 15/1/2014 ونقلاً عن خبراء مخدرات، فقد «ازداد إنتاج سورية عام 2013 لواحد من أكثر المنشطات شعبية، المعروف باسمه التجاري كبتاغون»، بينما أكدت مصادر لبنانية أن سورية تشهد حركة متزايدة بصناعة هذه الحبوب.

ورغم نفي الجهات الرسمية تصنيع هذه الحبوب على أراضيها ضمن معامل الأدوية المرخصة، إلا أن تصنيع «الكبتاغون» قد يكون بآلات صغيرة سهلة الحمل والتنقل، فقد ضبطت لبنان مؤخراً ستة أشخاص، 4 لبنانيين و2 سوريين، يقومون بتصنيع «الكبتاغون» محلياً، حيث جرت مصادرة ماكينة نقالة تعمل بالكهرباء المنزلية، يديرها فني ميكانيكي، وهو الذي يعدل الرؤوس المعدة أساساً لصناعة السكاكر بحيث تصبح صالحة لتصنيع الأقراص المخدرة، ويمكن لشخصين فقط أن ينقلا هذه الماكينة من مكان إلى آخر ما يصعّب من رصدها، كما ضبط أيضاً 300 ليتر من «الامفيتامين» الذي يعتبر المادة الأولية والمحظورة لـ «الكبتاغون».

التبرير و«الحدود»!

لقد نفى اللواء حسان معروف، مدير إدارة مكافحة المخدرات، تصنيع هذه الحبوب، مؤكداً عدم ضبط أي ورش صغيرة أو ماكينات يدوية تستخدم لهذا الغرض، متهماً لبنان بأنها من أكثر الدول إنتاجاً لهذا النوع، ويتم تهريبها للداخل السوري عبر الحدود، قائلاً إن «سورية بلد سليم من صناعة أو زراعة المخدرات».

وأضاف «لو كان لدينا إنتاج لما تردد المجتمع الدولي عن اتهامنا، لكن وبالرغم من كل الإجراءات المشددة التي يتم اتخاذها في الدول على اختلافها، لا توجد دولة بمعزل عن تداعيات زراعة أو تجارة المخدرات».

وفي السياق ذاته، أكد الصيدلي محمد (ح) لـ«قاسيون» أن معامل الأدوية السورية الرسمية لا تنتج حبوب «الكيبتاغون»، قائلاً إنه «قد يلجأ البعض لضغطه بماكينات بسيطة بعد الحصول على تركيبته عن طريق التهريب».

ومن جهته لم يستبعد اللواء حسان معروف أن يكون هناك بعض الاشخاص الذين «استخدموا القنب في صناعة الحشيش» محلياً.

فقر وحشيش..

وحول انتشار المخدرات في أماكن معينة كما يقال مثل جرمانا وغيرها، نوّه «معروف» إلى أن المستوى المادي أو المعيشي أو النفسي في هذه الأماكن قد يساهم في انتشار الظاهرة، حيث تم ضبط 11 كيلوغرام من المخدرات في جرمانا، و5 كيلوغرام في مناطق متفرقة بريف دمشق منذ عدة أيام، وهذه الكميات بحسب معروف «كبيرة جداً».

وبحسب «معروف»، فإن آخر الإحصائيات للمتهمين بتعاطي وترويج المخدرات بلغت 3360 متهماً في عام 2013 و 2071 متهماً في عام 2014، مشيراً إلى أن دوريات المكافحة ليست بالضرورة علنية، وأغلبها قد تكون غير واضحة للعيان في الساحات والشوارع العامة سيارات خاصة أو تكاسي أو أشخاص راجلين، وهم يعملون على مدار الساعة، وفقاً لما قاله.

نحن «خارج» المدينة!

وعما قاله البعض بوجود تجار مخدرات أحيانا ًداخل المدن الجامعية، علق«معروف» بأن هذه القضية تحتاج إلى تشديد من قبل اتحاد طلبة سورية وإدارة المدينة، وأنه لا يوجد لإدارة مكافحة المخدرات دوريات داخل حرم الجامعات أو المدن الجامعية.

 وبدوره، نفى اللواء معروف أن تكون أية جهة في الدولة لها سلطة تقوم بمساعدة أو ترويج المخدرات، قائلاً «قد تكون هناك حالات من شبكات تجارة لها نفوذ اجتماعي ضمن أحيائها وليس ضمن السلطة»، مشيراً إلى وجود «حالات فردية قام بها بعض العسكريين أو غيرهم وهذا لا يعني أنهم ذوو نفوذ».

وأشار معروف إلى ضبط طلاب جامعيين يتعاطون المخدرات لكن خارج حرم الجامعة والمدينة الجامعية، ولم يحدث أنه تم ضبط «شبكات» أو «تجار» مخدرات في هذه الأماكن  خلال الأزمة أو قبلها.

إن قاسيون إذ تشير إلى هذه الظاهرة التي كثر الحديث عنها في الفترة الماضية وأصبحت مادة للحديث في برامج إذاعية أيضاً، تؤكد على ضرورة تنبه الجهات الرسمية لمخاطر هذه الظاهرة وتداعياتها الاجتماعية والصحية الكبيرة على شبابنا، بما فيها وضع الإجراءات الكفيلة بمنع استغلال الظروف الحالية من أي كان لترويج هذا الطاعون.