إحياء مشروع «ري دجلة».. خطوة حكومية متأخرة
قحطان العبوش قحطان العبوش

إحياء مشروع «ري دجلة».. خطوة حكومية متأخرة

عاد الحديث مجدداً عن مشروع ري دجلة العملاق في محافظة الحسكة، بعد توقيع عقد تنفيذ المرحلة الأولى منه مع شركة روسية الأسبوع الماضي، ما يعني أن أولى خطوات التنفيذ التي تأخرت لسنوات طويلة قد ترى النور قريباً وتسهم في تغيير جذري للمحافظة الشاسعة التي عانت التهميش الحكومي لعقود طويلة.

ووقعت الهيئة العامة للموارد المائية، يوم الاثنين الماضي (30/6/2014)، مع شركة «ستروي ترانس غاز» الروسية عقداً بالتراضي لتنفيذ المرحلة الأولى من مشروع ري دجلة، والتي تتضمن إقامة محطة الضخ الرئيسية وأنابيب الدفع في منطقة عين ديوار، بتكلفة تفوق 193 مليون يورو أي ما يعادل 30 مليار ليرة سورية.

العقد الجديد والإهمال الحكومي

ووسط أخبار الحرب والدمار الذي تعيشه البلاد منذ نحو ثلاث سنوات، يبرز خبر العقد الجديد للمهتمين بالشأن المحلي فقط، بينما ينشغل فلاحو المحافظة الزراعية المعنيين بالأمر في تأمين متطلبات الحياة الضرورية التي أصبحت من المستحيلات، وسط يأس من تغيّر الحال يرتبط بإهمال حكومي زاد بشكل واسع خلال سنوات الأزمة.

واستطلعت «قاسيون» آراء بعض المزارعين والفلاحين في المحافظة، بعد أن أخبرتهم بتوقيع العقد وتفاصيله، لتقابل بتفاؤل مشروط بأن يرى المشروع حيز التنفيذ، ويرى الفلاحون آليات تعمل على أرض الواقع لشق قناة لنهر دجلة تخترق مساحات واسعة من الأراضي الزراعية.

التنفيذ والأهداف

وتبلغ مدة تنفيذ المرحلة الأولى من المشروع أربع سنوات، وتتضمن إنجاز المأخذ المائي وحوض الترسيب والجدار المانع للرشح ومحطة الضخ الرئيسية وأنابيب الدفع. فيما تتضمن المرحلة الثانية والنهائية إنجاز باقي مكونات المشروع ، وهي عبارة عن قناة عين ديوار وملحقاتها، ونفق كراتشوك، إضافة إلى القنوات الناقلة مع الشبكات وشبكات الري، وتنوي الحكومة السورية التعاقد مع الشركة نفسها لإتمام المرحلة الثانية التي تبدأ فور انتهاء المرحلة الأولى.

ويهدف المشروع، إلى استجرار مياه نهر دجلة بكمية إجمالية تبلغ 1250 مليون متر مكعب سنوياً، موزعة حسب أشهر السنة، حيث يتراوح معدل الضخ الشهري ما بين 10 و100 متر مكعب في الثانية وفق الاتفاقية السورية العراقية لري الأراضي السورية وتأمين مياه الشرب. 

وسيروي المشروع 150 ألف هكتار جديدة من الأراضي و64 ألف هكتار قديمة سيعاد تأهيلها بحيث تصبح المساحة الإجمالية المروية من المشروع بحدود 214 ألف هكتار.

تعزيز الأمن الزراعي

ويعد المشروع، من المشروعات التنموية في منطقة كانت تعتمد بالأساس على الهطولات المطرية فقط والتي تراجعت كثيراً خلال سنوات من الجفاف، ويسهم في تأمين الاستقرار والإنتاجية وتحسين المنتج وتعزيز الأمن الزراعي في المنطقة الشرقية التي تعتبر مصدراً رئيساً لتأمين احتياجات البلاد من الحبوب والمحاصيل الأساسية. 

ويسهم المشروع في دعم منظومة مياه الشرب السيئة في محافظة الحسكة، ورفع مستوى الأمن الغذائي على المستوى الوطني، وتشغيل الأيدي العاملة وتأمين الاستقرار السكاني والاجتماعي في المنطقة الشرقية بشكل عام بعد موجات من الهجرة نحو المدن الكبرى للعمل هناك وترك الأرض التي لم تعد تفي بمتطلبات حياة الفلاح البسيطة.

المزايا الاستراتيجية

وتكشف المزايا الاستراتيجية التي يمكن أن يحققها المشروع فيما لو تم إنجازه بالفعل في ظل ظروف صعبة، عن واحدة من أكبر الأخطاء الحكومية في البلاد والتي قادت ضمن مجموعة عوامل أخرى إلى الواقع الصعب الذي تعيشه سورية ككل، وقد يعالج تنفيذ المشروع الآن بعضاً من أخطاء كبيرة ارتكبت بحق الوطن وكان يمكن تجاوزها في عهد أغلب الحكومات التي مرت على البلاد، وما زال تنفيذ المشروع الحلم مطلوباً.