الرقة.. حزمة بلديات دون صرف صحيّ!
من أولويات التخطيط والبناء العمراني القديم منذ حضارات أجدادنا أو الحديث على المستوى العالمي والمحلي هو تجهيز البنية التحتية ولحظ التوسع المستقبلي نتيجة تزايد عدد السكان والاحتياجات، وضمان أمن المواطن وراحته وهذا حقّ له.. وخاصةً إذا كانت هناك خطط نموذجية..
لكن التنفيذ على أرض الواقع لا يتطابق مع ذلك بسبب الهيمنة والفساد والإهمال وتغييب الحريات التي هي الرقيب الحي والحريص على مصلحة الشعب والوطن.. لذا لا يتم الحصول على بعض الحقوق إلاّ بعد مطالبات عديدة ولسنوات طويلة دون أن يحاسب أحدٌ على إهماله أو تقصيره..
ومنذ أكثر من أربعة عقود أنشئت مدينة الطبقة (الثورة) والمزارع في محافظة الرقة مترافقةً مع إنشاء سد الفرات بمساعدة الاتحاد السوفيتي آنذاك وفق مخططات نموذجية، وكانت كلها تابعةً للدولة: شوارع عريضة ومنشآت عامة كالحدائق والمستوصفات والمدارس والمراكز الثقافية.. لتخديم الفلاحين والعمال الزراعيين الذين همهم الكدح ليلاً ونهاراً ليقدموا للوطن وبقية أبنائه ما يحتاجونه، رغم معاناتهم الكبيرة في السنوات الأخيرة من الغلاء الفاحش والفساد المستشري في كلّ مفاصل الدولة بسبب السياسات الليبرالية الاقتصادية والاجتماعية وما يرافقها من تهميش وكمّ للأفواه.
لكن المزارع أغفلت من قضيتين مهمتين وهما؛ وسائل الاتصال (الهاتف)، والمياه والصرف الصحي، علماً أنّ الإمكانات متوفرة منذ البداية..
فالأولى بقيت المطالبات بها مستمرةً منذ ربع قرن ولم تنجز إلاَ بشكل محدود ولبعض المتنفذين.. وكان لقاسيون دور أساس في فضحها وكشفها وتحقيقها للمواطنين كافة في السنة الماضية بعيداً عن التطبيل والتزمير والشكل والخداع الذي يكون في المناسبات للتقرب زلفى من المسؤولين..
أمّا الثانية: فالمواطنون من سكان المزارع رغم المطالب المتكررة منذ عقود ما زالوا يحفرون جوراً فنية للصرف الصحي بمحاذاة مساكنهم وما لهذه الجور من مخاطر التلوث على الإنسان من أمراض وجراثيم وغيرها وخاصةً في فصل الصيف وعلى التربة ناهيك عن الانخفاسات المباشرة التي تهدد حياتهم .. وبعد عقود ومطالبات مستمرة عقد في العام الماضي اجتماع في المحافظة حضرته كثير من الفعاليات وبحث موضوع الصرف الصحي في المزارع مع الجهة المسؤولة وجرى التأكيد في الردود على:
• بعد مضي أربعة عقود سيتم تنفيذ الصرف الصحي بالمزارع بدءا من مزرعة ربيعة في 1 نيسان 2011
• العقد هو لمؤسسة الإسكان العسكري من مؤسسات القطاع العام(قطاع الدولة)، وبناء محطات المعالجة لشركة كورية .
واستبشر الأهالي خيراً وعاشوا على هذا الأمل.. لكن نيسان عدّا بكذبته وبدأت بوادر الخيبة تظهر لعدم الوفاء بالوعود.. وقبل أن نفقد بصيص الأمل نعيد التذكير بها ونتساءل:
لماذا هذا التأخير؟ فالمزارع لها بلديات كبيرة وميزانيات مقرة ومنها للصرف الصحي.. والمزارع تضم آلافاً من العمال الزراعيين والفلاحين الكادحين المنتجين الذين هم أولى بتوفير الخدمات لهم من فنادق النجوم الخمسة وغيرها.. وهم أحقّ بالأموال المنهوبة بسبب الفساد الذي طمى الرُكَب وملأ جيوب الفاسدين وأتخم كروشهم.. وهل هناك من يعرقل التنفيذ لمآرب أخرى وخاصةً أن العقد لمؤسسة حكومية وهناك من يتربص بها أو يريد إفشالها.. بينما يبقى المواطنون على الوعد يا كمون؟.
إنّنا في قاسيون نؤكد: الوعود الوهمية والتأجيل والمماطلة والسياسات الليبرالية الخاطئة ستكون نتائجها سلبية وتراكم الاستياء والاحتقان.. والاستجابة الحقيقية والسريعة لمطالب المواطنين والمحافظة على حقوقهم ككل، وخاصةً المنتجين من عمال وفلاحين وسائر الكادحين بسواعدهم وأدمغتهم وتعزيز الحريات الديمقراطية وتنفيذ الإصلاحات، هي الكفيلة بقطع الطريق على القوى الفاسدة والمعادية.. وكذلك كفيلة بتعزيز الوحدة الوطنية وزيادة الإنتاج وضمان تطور سورية بجهود أبنائها.