طرطوس.. مشاريع غير منجزة، وهدر في المال والزمن
محمد سلوم محمد سلوم

طرطوس.. مشاريع غير منجزة، وهدر في المال والزمن

تتعدد أشكال الاستثمار السياحي في طرطوس كما في كامل أرجاء سورية، منها السياحة الشعبية التي تقوم بها منظمة الشبيبة والتي تستثمر أماكن عامة تعود ملكيتها للدولة وعلاقتهم مع البلديات، والاستثمار بنظام العقود بين وزارة السياحة أو مجلس المدينة كمالك وبين مستثمر قطاع خاص أو عام.

 

يتم فيها الاستثمار وفق دفتر شروط تقدمه الجهة المالكة بعقود قد تكون عدة سنوات وقد تكون 45 سنة وفق نظام إل( B.O.T )، ومنها السياحة العامة مثل ( الشاطئ المفتوح ) بحيث الدخول إليها مجاني أما الخدمات فيها فمأجورة، ومعظم هذه المواقع هي أماكن عامة ملكية وزارة السياحة وتعرض للاستثمار بنظام العقود أيضا، وفي كل الحالات ولتنظيم عملية الاستثمار السياحي هناك قرار المجلس الأعلى للسياحة بحصر الإعلان عن المنشآت السياحية بوزارة السياحة وللأماكن العامة فقط.

 ضوء على مديرية السياحة: إضافة للدور التي أعطي لها من المجلس الأعلى للسياحة، تقوم المديرية بالإشراف على المعهد الفندقي لأنه تابع لوزارة السياحة، وكل أساتذته ومدربيه يتم تعيينهم عن طريق المديرية، وهممسؤولون عن مساعدتهم في عملية التعيين بعد التخرج، أما كلية السياحة في طرطوس فتابعة لوزارة التعليم العالي وعميد الكلية هو عميد كلية الهندسة التقنية، ولا يوجد أي علاقة لمديرية السياحة بالكلية، وليست هذه المفارقةالأولى فقط، بل الطلاب خريجو المعهد الفندقي ممنوع عليهم أن يدخلوا كلية السياحة مع العلم أنهم أخذوا 70 % من العلوم السياحية ولا يتم منح الطلاب الخمسة الأوائل الدخول إلى الكلية أسوة بالمعاهد الصناعية الأخرى،وتشتكي المديرية ليس من عدم التنسيق بينها وبين كلية السياحة بل من القطيعة الكلية لهذه العلاقة بالرغم من أن الطلاب المتخرجين من الكلية يأتون لمديرية السياحة للسؤال عن فرصة عمل ويحملونها المسؤولية عن ذلك.

مشاريع أنجزت وهدمت: منذ بداية الثمانينيات قامت مؤسسة الإسكان العسكرية بتنفيذ فلل سياحية على عقار تعود ملكيته لمجلس مدينة طرطوس ويقع في الجزء الشمالي من المدينة وعلى شاطئ البحر مباشرة، وسميت ضاحيةالفاضل نسبة للحقوقي المشرع محمد الفاضل التي اغتالته القوى الظلامية في السبعينيات، نفذ المشروع بتكلفة عالية جداً وكانت في غاية الجمال، وبقيت جهة نفذتها، وجهة أخرى مالكة لها( وأبقيت) أكثر من ثلاثين سنة دون أنيستثمرها أحد.

في ملتقى الاستثمار السياحي الذي يتم فيه الإعلان عن المواقع السياحية وعرضها للاستثمار، خاطبت وزارة السياحة مجلس مدينة طرطوس لتقديم مواقع ضمن ملكيتها للاستثمار، فقدمت موقع ضاحية الفاضل السياحية ضمندفتر شروط لاستثماره على أن يتم إضافة فعاليات جديدة وإزالة المنشآت القديمة وفق العرض المقدم من العارضين تمت إزالة الفلل السياحية عن وجه الأرض، ولا نعرف بدقة الجهة أو الأشخاص المستفيدين من العملية، لكنمن المؤكد الخاسر الأكبر هو المواطن لأن الأموال المهدورة هي أموال عامة.

مشاريع لم تنجز بعد: هناك أملاك استملكت منذ عشرات السنين، وتم استثمارها لفترة زمنية وانتهى عقد الاستثمار، وأبقيت عشرات السنين مرة أخرى دون استثمار إلى أن انهارت بنيتها التحتية وأعطيت للاستثمار من جديد،وهناك مشاريع سياحية عائدة ملكية الموقع فيها لمجلس مدينة طرطوس أو للمديرية العامة للموانئ أو لوزارة السياحة تم فيها التعاقد مع مستثمرين وانتهت مدة العقد ولم ينجز شيء، والغريب بالأمر بأنه يتم التعاقد على مشروعسياحي مع مستثمر لم ينجز مشروعه السابق ولم ينجز مشروعه اللاحق مثل مشروع فندق أساس الذي لم ينجز وتم التعاقد مع الجهة نفسها في مشروع بانياس الأوسط الذي لم ينجز أيضاً، وهناك مشاريع سياحية لم تنجز ضمنالعقد المحدد من  الشركة المستثمرة، فقامت وزارة السياحة بالتعاقد من جديد على المشروع نفسه مع أصحاب الشركة نفسها التي لم تنفذ العقد لكن تحت تسمية أخرى للشركة، كمشروع فندق أرواد. وهناك مشاريع سياحية علىشاطئ البحر بمساحات واسعة وبكلف عالية على مبدأ السياحة العامة الشاطئ المفتوح  وتم التعاقد مع شركات سياحية مستثمرة أيضا لم تنفذ عقودها السابقة، كمشروع مخيم الكرنك ومشروع مخيم وشاليهات عمريت والتي تعودملكيتهما لوزارة السياحة ومجلس مدينة طرطوس، وكلاهما لم ينجز المستثمر فيهما أية أعمال تذكر، ومخيم الكرنك تم سحب الأعمال من المستثمر منذ 2011 م وتم الإعلان عن المشروع ورسا العقد على منظمة الهلال الأحمرالعربي السوري مؤخراً. وهناك مشاريع ضخمة على شاطئ البحر مباشرة،  كمشروع ( انترادوس ) العائد  لمجلس مدينة طرطوس 30 % وشركاء آخرين 70 % والهدف من المشروع إنشاء مجمع سياحي متكامل على مساحة186 ألف متر مربع وبكلفة استثمارية تصل ل / 20 / مليار ليرة، ونسبة الإنجاز فيه لم تتجاوز 9 % كما ذكرت مديرية السياحة.

إناء الأزمة الواسع: على الرغم من إن معظم هذه المشاريع وغيرها لم تنجز منذ زمن طويل،  وتم فيها هدر الزمن والمال العام، لا نستطيع إلا أن نقول مقصودة وفق ما تدل عليه عملية التعاقد، وعند السؤال عن السبب في ذلكتبرر الجهات المعنية بالأزمة التي تعصف بالوطن، وأعطت إحدى الجهات مثالاً على صحة رأيها بسبب الأزمة بأن هناك مشروعاً استثمارياً صغيراً شارف المستثمر على نهايته لكنه يجد صعوبة في أيجاد أربع مغاسل من لونونوع واحد، مع العلم إن هذا المشروع الصغير له ما يقارب العشرين سنة مهمل ولم يستثمر إلا هذا العام رغم أهمية موقعه في المدينة . وهذا ما يثير الكثير من الأسئلة: لماذا انتزعت أملاك المواطنين بحجة الاستملاك للمنفعةالعامة ومنذ عشرات السنين معظمها لم ينجز؟ ألا يؤدي هذا للتساؤل عن الجهات التي تحاول العبث بأمن واقتصاد الوطن سواء كانت عن جهل أم عن علم بما تفعله ؟ ألا يؤدي إلى التساؤل أيضا عن الجهات التي من المفترضدورها محاسبة من يسيء للوطن واقتصاده عن دورها الرعائي في هذا الموضوع ؟ ويبقى السؤال عن المنشآت السياحية الشعبية التي تهدر الأموال العامة فيها، لماذا تترك بعد ذلك لعبث الطبيعة والزمن والبشر؟