صندوق ضعيف النظر!
«أم خضرة» كالكثير من الفقراء في البلاد، استبشرت خيراً عندما علمت بإنشاء صندوق المعونة الاجتماعي الذي تشرف عليه وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، إلا أنها فوجئت بعد ستة أشهر من تقديمها لطلب المعونة الاجتماعي بأن اسمها ليس موجوداً في لوائح المقبولين، وعند مراجعة ابنتها لإحدى الموظفات علمت بأن أمها لم تتوفر فيها شروط المستحقين من وجهة نظر المعنيين على صندوق المعونة، وأوضحت لـ«ـقاسيون» أنها قدمت طلب اعتراض فطلب منها مراجعة المركز بعد ستة أشهر.
هذا ما جرى مع «أم خضرة»، علماً بأنها تبلغ من العمر السبعين عاماً، وهي أم لبنتين الأولى مطلقة والثانية أرملة لا يوجد معيل لهن، إضافة إلى أن «أم خضرة» فاقدة لنعمتي النطق والسمع، وتعاني، وفقاً لوصف ابنتها، عدداً من الأمراض التي تصاحب التقدم بالعمر، وها هي اليوم مع بناتها لا يمتلكن سوى المنزل الذي ورثته البنت الأرملة من زوجها المتوفى، والتي أجبرها فقرها على الزواج به أصلاً مع أنه يكبرها بثلاثين عاماً.
وتؤكد ابنتها في سياق شرحها للتفاصيل: «لولا أن ورثت لبقيت مع أمي وأختي في الشارع».
حال هذه الابنة لم تكن أفضل من حال أمها حين تقدمت لصندوق المعونة الاجتماعية، حيث رفض طلبها هي الأخرى بحجة عدم امتلاكها لدفتر عائلة، وذلك رغم إحضارها لعدة بيانات عائلية تفي بالغرض نفسه، ولذلك تتساءل: «على ماذا اعتمد المسح الاجتماعي في تقدير من يحق لهم الاستفادة من المعونة؟ لم نرى قبل أن يتم رفض طلب أمي أي موظف زار منزلنا للوقوف على ما إذا كنا نستحق المعونة أم لا! مع العلم أن هناك عائلات كثيرة ليست بحاجة تم قبولها في صندوق المعونة، بل وتم اعتبارهم مستحقين من الفئة الأولى رغم امتلاكهم لأربعة محال تجارية، كإحدى العائلات التي تسكن بالقرب منا، وعائلة أخرة يوجد لديها معيل ويمتلك محلاً تجارياً وسيارة اعتبرت أيضاً مستحقة من الفئة الأولى، أفلا تستحق عائلة تعيش في ظروف مثل ظروفنا المعونة؟ أم أن هذا الصندوق خصص لمن لديه واسطة فقط؟».
لم تكن حال (ح ،ع) أفضل من حال العائلة النسائية، وهو رجل يبلغ من العمر 75 عاماً ويعيش مع زوجته، لم يكن موظفاً من قبل وليس لديه راتب تقاعدي ولا حتى معيل.
يقول (ح،ع): «كنت من أول المتقدمين إلى صندوق المعونة وبعد ستة أو سبعة أشهر عند مراجعتي للوائح الأسماء فوجئت بعدم وجود اسمي بين المقبولين، وصادفت حينها أعداداً كبيرةً من الناس الذين بدت عليهم ملامح الفقر واضحةً، إلا أن ملامح الخيبة كانت أوضح عندما لم يجدوا أسمائهم ضمن المقبولين!».
كما لم يقتصر سوء تقدير القائمين على صندوق المعونة لظروف الفقراء، بل تعداها إلى من تم قبولهم، حيث أن المعنيين يضعون ترتيب الفئات وفق مقاييس ومعايير مجهولة، فالعائلة التي تستحق أن تصنف من الفئة الأولى توضع في الفئة الرابعة، ومن لا تستحق المعونة نهائياً توضع في الفئة الأولى، تماماً كما حدث مع أم لابنة معاقة، تم صنفها المسح في الفئة الرابعة، أي مع من يحصلون على مبلغ (500) ل.س تشمل الضمان الصحي والتعليمي، وهذا المبلغ الذي لا يكفي ثمناً للقرطاسية.
هذه السيدة رفضت أخذ المعونة وأعادتها إلى الموظف، فهي لن تغير شيئاً من وضعها المعيشي المتردي بطبيعة الحال.