المازوت يتحول لـ «مكسر عصا» الحكومات السورية!
تحول المازوت إلى مكسر عصا كل الحكومات المتعاقبة، وهو من «تتمرجل» عليه كل الأصوات الداعية إلى رفعه أو تحريره، وكأن ذلك لا يكلّف الاقتصاد الوطني أي اعباء اضافية، ولن يكون له أثار سلبية على المواطن أو على قدرته الشرائية، فالجميع تفاجئ بقرار الحكومة رفع سعر المازوت بنسبة 15%، وهذا ما يمكن أن اجزم به، لأنهم كانوا يتوقعون من الحكومة ما هو عكس ذلك، ولكونه أول القرارات الصادرة عنها، ويمكن ان يطلق عليه «قرارٌ بالسرعة القصوى»..
بدأ البعض بالحديث عن تبريرات للقرار كالقول «كلا شغلة 3 ليرات المهم يتوفر»، ولهؤلاء نقول، هذا جزء من سياسة التيئيس التي تمارس كمنهجية من جانب الحكومات المتعاقبة لإجبار السوريين على القبول بالأمر الواقع، وعلى مبدأ «مهما كان سعر المادة المهم تتوفر»..
تجاهل أموال الفاسدين
يُلمح البعض إلى أن الغاية من القرار هي تحقيق وفر مادي، فالخزينة العامة «تَصّفر»، ولهؤلاء نقول: إن جيوب ذوي الدخل المحدود وغالبية السوريين ليست بالمكان المغري لزيادة موارد الدولة، أو لانتشال الخزينة العامة من عجزها، والناتج عن السياسات الاقتصادية الخاطئة، وعن النهب والفساد المتواصل على امتداد عقود طويلة، فغالبية السوريين يكفيهم تراجع قيمة العملة الوطنية بنسبة 39%، وارتفاع الاسعار بنسب كبيرة خلال الفترة الماضية، وهذا ما أفقدهم الجزء الاكبر من مواردهم المالية المحدودة، لتراجع إمكاناتهم الشرائية، فهؤلاء المتضررون الحقيقيون من الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد، ومن تداعياتها أيضاً، ولكن المستغرب في الأمر، هو التجاهل الحكومي لعمالقة الفساد الذين استفادوا من الازمة الحالية، وأصبحوا من اصحاب المليارات، هؤلاء من تفننوا في استغلال حاجة الناس ليزيدوا ثرواتهم، فلا أحد يفكر في الاقتراب منهم، فالموارد الحقيقية توجد في جيوب الفاسدين، وما نهبوه من أموال الشعب السوري على امتداد عقود طويلة، فهذه الأموال هي من يجب مصادرتها لمصلحة الخزينة العامة للدولة، وهي ما تؤمن انتشال الخزينة من عجزها المفترض، بدلاً من «التمرجل» على جيوب السوريين، فالرفع الحالي لسعر المازوت لن يؤمن بالحد الأقصى أكثر من 22 مليار ليرة سنوياً، وهذا المبلغ هو أقل بكثير من ثروة أحد الفاسدين الكبار بمفرده، فإلى متى ستبقى أموال مراكز الفساد الكبرى خارج المعادلة الاقتصادية؟!
تكرار لسيناريوهات فاشلة
سعر المازوت عاد تقريباً إلى سابق عهده منذ اربع سنوات في منتصف عام 2008، بكل ما تلا ذلك من سيناريوهات فاشلة لإيصال الدعم لمستحقيه، وما يطرح اليوم، هو رفع سعر المازوت على أن يتبعه توزيع قسائم للاستهلاك المنزلي، ولكن للسوريين تجربة مريرة على هذا الصعيد بكل ما شابها من عمليات تزوير وفساد، ولن يكونوا متفائلين بإعادة تجربة لم تنصفهم مرة اخرى بعد اربع سنوات فمن «جرب مجرب عقله مخرب»، فهل لنا أن نفهم ما هو مبرر محاولة تكرار الحكومة لسيناريوهات اثبتت فشلها في الماضي القريب؟!
الاهم في القضية هو النتائج المترتبة على هذا القرار، فالأسعار أول المتأثرين بهذا القرار على الرغم من كل النفي الذي سنسمعه من الجانب الحكومي، إلا أن الأسعار سترتفع، فتجربة السنوات الماضية تثبت ذلك، والتجار ليسوا بحاجة لمبرر حتى يرفعوا اسعارهم، فكيف إذا وجدوا ما يستندون إليه ولو شكلاً؟! فمن هي الجهة الحكومية التي ستضمن لنا عدم ارتفاع أسعار السلع في الاسواق السورية؟! وخاصة أن شهر رمضان وافانا منذ أيام والتجار كعادتهم يستغلون قدومه لزيادة أسعارهم!..