من الذاكرة.. وجبة دسـمة!!
عبدي يوسف عابد عبدي يوسف عابد

من الذاكرة.. وجبة دسـمة!!

في منتصف إحدى الليالي، من أواخر تموز من عام 1964، عاد الرفيقان إلياس مرحو، الذي كان ملاحقاً آنذاك، وزبير، دليله إلى القرى وكان طالباً، إلى البيت الذي استأجره هذا الأخير في حي تل حجر في محافظة الحسكة، من جولة استغرقت أكثر من عشرة أيام قاما خلالها بزيارة الرفاق العائدين من موسم الحصاد، 

وقد أضناهما التعب والجوع وأنهكهما خاصة بعد مسيرة حوالي عشرين كيلو متراً في القفار بين القرى متجنبين المرور بالطرقات الرئيسية، وبعد أن أخذا قسطاً من الراحة قال إلياس لرفيقه: ماذا يوجد عندك من طعام؟ فأجابه: قليل من السمن وبعض الخبز اليابس كالحجر وعشر بيضات لا أضمن سلامتها. لكنهما وبسبب جوعهما الشديد لم يفكرا كثيراً، فقد كانا مستعدين لتناول أي شيء، ولذلك قاما فوراً بتحضير ما يأكلانه، فقام زبير بنقع الخبز بالماء وأشعل «وابور الكاز» ووضع عليه المقلاة، بينما أحضر رفيقه السمن والبيض، وعندما كسر أول بيضة، تفاجأ بنزول صوص صغير غير مكتمل مع سائل عكر، فأسرع بإفراغ محتوى المقلاة في القمامة، عندها نبهه زبير أن يتخلص من البيضة الفاسدة فقط ويحتفظ بالسمن لأنه نفد! كسر إلياس أكثر من نصف البيض البيضة تلو الأخرى وألحقها جميعاً بسابقاتها في القمامة، وكان يشعر بالانقباض والحسرة لفساد البيض، ولكنه أخيراً قرر قراراً حاسماً.. إذ نفخ في القنديل وأطفأه..! وقلى ما تبقى (عالعتمة)، وتمكن من تحضير وجبة شهية ودسمة! تناولها هو ورفيقه مع الخبز المبلل، وبهذا اسكتا عواء الجوع الذي كان ينهش معدتيهما، وناما.