دعوة لمحافظ ريف دمشق ووزير البيئة للاطلاع والمعاينة.. «خيارة دنون» منطقة موبوءة بشكل خطير

دعوة لمحافظ ريف دمشق ووزير البيئة للاطلاع والمعاينة.. «خيارة دنون» منطقة موبوءة بشكل خطير

تم اعتبار العام 2010 عاماً للبيئة في محافظة ريف دمشق، ومن المفترض أن تتم الفعاليات والنشاطات المكرسة لهذا العام تحت الشعار الذي طرحته المحافظة بأحرف عريضة (الحفاظ على البيئة حفاظ على الحياة) فهل حياة المواطنين والوطن رخيصة أو عديمة الأهمية إلى الدرجة التي شاهدناها بأم أعيننا؟!

شكا لنا مواطنون من منطقة خيارة دنون التابعة لمنطقة الكسوة وجود الكثير من النفايات السامة والملوثات البيئية والقذارة والروائح الكريهة المقززة على امتداد مسافة طويلة بجانب الطريق الدولي السريع من دمشق إلى درعا، وخاصة في المنطقة الممتدة من الجسر المؤدي إلى قرية ديرعلي وصولاً إلى الجسر الذي تمر من تحته سكة القطار المار من المنطقة. علماً أنه توجد استراحات كثيرة على هذا الطريق ويعتبر عنواناً وصورة عن نظافتنا وحضارتنا أمام الغرباء وسيارات الترانزيت، والمفترض أن تكون الصورة نظيفة تماماً.

قامت «قاسيون» بجولة مع كاميرتها في المنطقة ورصدت مصادر التلوث والأوساخ والروائح، وكانت المشاهدات الأولى وجود الأوساخ المنتشرة بكثرة على جانبي الطريق الدولي السريع وروائح كريهة لا تطاق، مقززة للنفس تثير الاشمئزاز وتزكم الأنوف. عند سؤالنا لأحد المواطنين من المنطقة أفادنا بما يلي:

يوجد في المنطقة الكثير من المعامل والمصانع الكبيرة التي لا تلتزم بشروط حماية البيئة، منها مصنعان كبيران للسيراميك وعدة معامل للمنظفات ومعامل وشركات للمواد الكيميائية، وكلها ترمي مخلفاتها في الساقية التي من المفترض أنها مخصصة للصرف الصحي لمنطقة خيارة دنون، وتسمى نهر بغاديد، وحتى هذه الساقية ملوِّثة للبيئة بشكل كبير، وليس فيها شيء من الصرف الصحي المخطط أو المنظم. وفوق ذلك ترمي المعامل مخلفاتها في هذا النهر الذي ينتهي كمستنقع آسن على امتداد مسافة طويلة بجانب الطريق الدولي، مقابل الجامعة السورية الدولية، مشكلة أحواضاً من القذارة والروائح الكريهة، وليس لها مصرف أو مجرى تتحول أو تسير إليه، ما يجعل المستنقعات والروائح دائمة على مدار السنة.

استطعنا رصد بعض المعامل الموجودة في المنطقة والتي تصب مخلفاتها الملوِّثة للبيئة، ومعظمها سام، في نهر بغاديد، ومنها معمل سيراميك زنوبيا ومعمل سيراميك بلقيس ومجموعة هاجر للكيمياويات وشركة مدار للمنظفات ومعامل دعبول للمنظفات ومعمل الأورفلي لمبردات المياه المنزلية، وغيرها لم نعرف أسماءها.

أحد مصانع السيراميك يرفع المخلفات التي يرميها في النهر عندما ينسد المجرى، ويكدسها فوق بعضها البعض مرة تلو المرة على أحد جانبي النهر، حتى غدت مع مرور الزمن تلالاً من الجص والغبار وتملؤها الملوثات والقذارة. ورغم ضخامة المنشأة فصاحبها يرفض تزفيت الطريق أمامه مع أنها ترابية ومثيرة للغبار والعجاج بشكل سيئ، ما يدل على أن هدف المنشاة تكديس الأرباح وجني الفوائد الشخصية فقط.

الأسوأ والأخطر من ذلك كله تعرُّض البيئة لملوثات ومخلفات يرميها المسلخ الموجود في المنطقة التابع للشركة السورية الليبية للمنتجات الزراعية والصناعية مجمع الدواجن الفرع رقم /3/، حيث يتم وضع كل مخلفات المسلخ من ريش وأرجل الدجاج وأمعائها وأحشائها الداخلية في أكياس يتم رميها على جانب الطريق، وفي أكثر من موضع، فتقوم الكلاب الشاردة بنبش هذه الأكياس مخلفة منظراً يصعب شرحه أو وصفه. وقد رأينا الريش والمخلفات منتشرة في أكثر من مكان، وخاصة تحت الجسر الذي تمر من تحته سكة القطار إلى قرية دير علي، ولكننا لم نستطع التوقف حتى لالتقاط صورة من شدة الروائح الكريهة المقززة التي تثير الاشمئزاز وتزكم الأنوف.

أحد المواطنين يملك تركساً زراعياً قال إن الرائحة الموجودة حالياً تشكل نسبة صغيرة من الرائحة الحقيقية وإنه يومياً يرى بقايا المسلخ ومناظر القذارة التي لا تطاق والرائحة الكريهة التي تصل حتى البلدة فيعمل على طمر المخلفات والنفايات التي يرميها المسلخ باندفاع شخصي وتطوع فردي من تلقاء نفسه.

رأينا على مقربة من ذلك بعض قطعان من الأغنام، وأخبرنا المواطنون المتواجدون هناك أن هذه الأغنام تشرب من هذه المستنقعات، وأن هناك حقول قمح تروى من النهر الملوث، وهنا نترك للقارئ الكريم وللمسؤولين أيضاً تصور ما هي المخاطر والسموم التي يتناولها المواطنون، ومدى تأثير هذه الملوثات على صحة المواطن وحياته، أم أن هذا لا يدخل في حسابات أو اعتبارات البعض من المعنيين بالأمر؟!

إن العام 2010 هو عام البيئة في محافظة ريف دمشق، وشعارها (الحفاظ على البيئة حفاظ على الحياة) فليكن التنفيذ عملاً وليس بالشعارات فقط، المطلوب من أصحاب القرار والعاملين على حماية البيئة التدخل فوراً وبشكل حاسم للتخلص من ظاهرة التلوث هذه، ووقف جميع أشكال الاعتداء على البيئة، وصولاً للحفاظ على حياة المواطنين، ففي ذلك ضمان لصحة المواطن وصورة الوطن.