الذرة الصفراء.. بين الدعم المتأخر والفساد والإهمال
بعد قرار الطاقم الاقتصادي برفع الدعم عم المحروقات ومستلزمات الإنتاج الزراعي من سماد وبذار وأدوية وغيرها.. وما سببه ذلك من تدمير للزراعة وإرهاق للفلاح الذي يزرع كما أجداده منذ آلاف السنين.. أصبح الفلاحون يدركون أن صندوق الدعم الزراعي ما هو إلاّ ذرٌ للرماد في العيون، سواء من حيث القيمة المخصصة لكل محصول أو طريقة توزيعه وتوقيت صرفه.
انتهى موسم الذرة الصفراء في الشهر التاسع من 2010، لكن الدعم لم يصل من وزارة الزراعة إلاّ في منتصف الشهر الأول، وهذا التأخير هو أولى المصائب التي حلت على الفلاح، فبعد ثلاثة أشهر من الانتظار صرف بمعدل ألف ليرة لكل دونم، لكن المصيبة الثانية جاءت من المديريات التي تتخبط في خططها العامة، والثالثة من الشعب والمصالح الزراعية التي تكتفي بالعمل المكتبي ولا تدري شيئاً عما يجري في الحقول، فتضيع حقوق كثيرِ من الفلاحين... وعلى سبيل المثال ما يحدث في شعبة موحسن الزراعية، فالمرفوع حسب خطة الري في الجمعية الفلاحية 6000 دونم للذرة الصفراء، وجاء الدعم بحدود 6 ملايين ليرة، وتفاجأ الفلاحون بعدم وجود جداول لدى الشعبة التي تحاول عرقلة الصرف وتأخيره بحجة الحصول على الجداول بينما الفلاحون يحملونها المسؤولية بالدرجة الأولى.. فأين متابعتها للموسم منذ زراعته حتى حصاده؟، وكذلك للجمعية الفلاحية التي لم تقدم نسختها من الجداول للآن، وقد وصل العديد من الفلاحين إلا مرحلة اليأس، وقرروا ترك هذه الصدقة المذلة، ناهيك أن «الطاسة ضائعة» بين فلاحين وهميين وفلاحين حقيقيين..
لاشك أن العديد من الشرفاء موجودون في الجمعيات الفلاحية وغيرها، لكن الفساد والإهمال فيها وفي الوزارة ومديرياتها وشعبها ومصالحها ووحداتها الإرشادية هو أول العوامل المؤثرة والمسببة.. وكذلك الإدارات في بعض الجمعيات التي لم تنتخب بشكل ديمقراطي حقيقي معبر عن مصالح الفلاحين.. لذا يطالب الفلاحون بمحاسبة الشعبة الزراعية في موحسن على إهمالها وتقصيرها في العمل الميداني واقتصارها على العمل المكتبي، وحتى هذا لم تقم به بشكل مقبول وهو ناتج عن أن الاختيار لا يتم على أساس الكفاءات، وإنما على أساس الانتماءات والمحسوبية مما يولد الإهمال والفساد..
إن محصول الذرة لا ينعكس تأثيره على الفلاح فقط بل على الثروة الحيوانية كمادةٍ علفية، ودعمه هذا العام لا يقل مأساويةً عن العام السابق الذي كانت المزاجية تلعب دوراً أساسياً في تحديد المساحات.. ودعم الذرة لا يختلف أيضاً عن دعم القطن الذي استثني منه المناطق الزراعية الخاضعة للري وخصص للأراضي المزروعة على مضخات المازوت.. من كل ذلك يجب متابعة الأمور من أولها بدءاً من السياسة الزراعية إلى إعادة الدعم للمحروقات ومستلزمات الإنتاج الزراعي.. وإلا فالخسارة ستكون باهظة!