شركات النقل الخاصة.. «عجقة.. وخراب بيوت»!
لعل قطاع النقل والمواصلات من أكثر القطاعات التي تعاني ضعف وسوء التخطيط في سورية، فالمشكلات التي تعاني منها المواصلات والطرق كثيرة (حدّث ولا حرج)، وبغض النظر عن الطرقات الممتلئة بالأوساخ والحفريات، والشوارع الضيقة المزدحمة التي لا تتناسب مع المشروع العظيم المتمثل باستبدال الميكروباص الصغير بباصات كبيرة غير قابلة للتكيّف مع طرقات المدينة التي لا يتجاوز عرضها في أفضل الأحوال 4 أمتار، فإن الخطط والمشاريع التنموية التي يدعي المسؤولون تنفيذها بدل أن تساهم في تنظيم حركة المرور هي على العكس تماماً؛ تساهم في زيادة الازدحام بقصد أو بغير قصد كالعادة، والتي غالباً ما تستهدف مصلحة قلة من المستفيدين على حساب المواطن الفقير.
عندما تلغى الدولة الميكروباصات الصغيرة من خطي نقل (جوبر ــ مزة اتوستراد، الدوار الجنوبي) وهي الخطوط التي تعتبر الأكثر حيوية في دمشق، تكون قد ساهمت في زيادة الاختناق المروري الذي تعاني منه مدينة دمشق، غير أن المشكلة الأكبر تبرز داخل الباص حيث أن أصحاب الشركات الخاصة التي سيطرت تقريباً على جميع شوارع دمشق، يحرصون كل الحرص على ملء الباص عن آخره، فإذا كان الباص يتسع لخمسين راكباً في أحسن حالاته ترى السائق يلهث ويناور ليتجاوز عدد الركاب السبعين على امتداد الرحلة بين نقطة ونقطة أخرى، وكثيراً ما يردد السائق عبارة «ورا فاضي» بهدف الحصول على نسبة معينة من الأجرة المدفوعة وزيادة حصته، متجاهلاً وجود الأطفال وكبار السن الواقفين على أقدامهم طوال الطريق، ناهيك عن وضع النساء اللواتي يتعرضن للمضايقة والإزعاج، فالسائق هنا يستهدف فقط زيادة حصته وحصة الشركة من الأرباح، ولاسيما أن غياب القوانين الناظمة القادرة على إلزام شركات النقل بعدد محدد من الركاب هو السمة الوحيدة التي تحكم المرور في دمشق، فيغيب ضمير السائق كلياً ويزداد شجع الشركات.
ويضاف إلى هذه المشاكل ما تسبب به هذا القرار من ارتفاع نسبة البطالة بين من كان يعتمد أصلاً على هذه المهنة في كسب لقمة العيش، حيث أن كل ميكروباص كان يساعد على إعالة ثلاث عائلات على الأقل، بتقسيم عمل الميكروباص الواحد على ثلاث ورديات، وبالتالي ثلاثة سائقين يومياً. ناهيك عن التلوث البيئي الذي قد سببته هذه الباصات نتيجة الدخان المتصاعد منها، ما تسبب بظهور غمامة من الدخان الملوث في سماء أقدم مدينة حيّة في التاريخ، والتي أصبحت اليوم من أكثر مدن العالم تلوثاً وذلك بشهادة الخبراء، واسألوا من تسنّى لهم الوقوف على قمة جبل قاسيون!.
والسؤال هنا: طالما أننا نعيش زمن الإصلاح، فلماذا يعامل المواطن السوري هكذا؟ وإلى متى سيظل يعاني؟ وهل الحكومة قادرة على تحقيق الإصلاح بطرق كهذه وعقليات وهي لا تزال فاشلة في حل أبسط الأمور والمسائل الحياتية للمواطن؟ الجواب يبقى عند وزارة المواصلات فهي الأقدر على الإجابة.