«جظ مظ».. والحياة تستمر!
وضاح عزام وضاح عزام

«جظ مظ».. والحياة تستمر!

أحد الباحثين عن عمل – وما أكثرهم في بلدنا – وبإحدى المقابلات العديدة التي أجراها لامتحان قدراته الأدائية، وبعد الاتفاق على أنه جدير بأن يأخذ الوظيفة الشاغرة، تجرأ وسأل عن الراتب الذي سيحصل عليه، فأجابه صاحب العمل بأن الراتب المبدئي هو 7000 ل.س.

تفاجأ هذا القادم من غياهب المحافظات السورية إلى العاصمة للعمل حيث مركز العمل. وللحظة مرَّ أمام عينيه شريط من المعادلات المرّة.

قال لنفسه: «أنا أدفع 5000 ل.س أجرة للغرفة ومنتفعاتها التي أعيش فيها، وبالتالي علي أن أكمل الشهر بـ2000 ل.س اعتماداً على قاعدة اللاءات الثلاثة: لا للموبايل والتكنولوجيا- لا للسرفيس فالمشي رياضة- لا للخروج مع الأصدقاء ومن أرادني فليأت إلي»..

شرد قليلاً وتابع الحسبة: «يبقى معضلة صغيرة هي الطعام، فأنا أحتاج إلى وجبة جيدة يومياً، ولتكن (جظ مظ).. أطبخها وآكل منها طوال اليوم.. إذاً أحتاج إلى كيلو من البندورة بقيمة 30ل.س تقريباً، وثلاث بيضات بقيمة 15 ل.س، ونصف ربطة من الخبز يومياً بقيمة 10 ليرات سورية.. إذا المجموع 55 ل.س.. وإذا ما أضفنا بصلة أو بصلتين للنكهة بـ10 ل.س، إذا تجاوزنا رفاهية البهارات.. سيكون المجموع 65 ل.س. ولن نسأل عن الزيت لأنه معونات خارجية من الضيعة.. إذاً 65 ل.س مضروبة بـ30 يوماً في الشهر سيكون الناتج 1950 ل.س.. هذا يعني أنني أستطيع توفير 50 ليرة سورية شهريا إذا ذهبت إلى العمل وعدت منه سيراً على الأقدام، وهكذا فكل سنة، إذا لم تحدث هزات اقتصادية طبعاً، سوف أدخر 600 ل.س، مما يتطلب مني أن أعيش 600 سنة كي أدخر 360000 المبلغ الذي يحتاجه الشاب لتأسيس أسرة فقيرة.

لن أسأل عن اللباس وعن كل متطلبات الحياة الإنسانية العادية لشاب سوري وليس موزامبيقياً، يعيش في القرن الحادي والعشرين بعد الميلاد وليس قبله. ترى هل أوافق على هذا العمل أم لا؟  وما الحل المتاح لي إذا استكبرت وتكبرت وعنّدتُ؟؟

علماً أنني في حال الرفض سأتعرض للمساءلة الأهلية والرفاقية بأنَّي ليست كفؤاً لأي عمل»!.

أيها الناس! ماذا يفعل هذا الشاب؟ ما بالكم صامتون؟