ممثلو الهيئة الوطنية العربية لـ«قاسيون»: نحن جزء من المعارضة الوطنية التي تطالب بالتغيير الجذري الشامل الحقيقي
في إطار الاطلاع على مواقف القوى الوطنية السورية وعرضها على الرأي العام بما يتعلق بالأزمة الوطنية الراهنة وسبل الخروج منها، التقت «قاسيون» بتاريخ 22/5/2013 ممثلي الهيئة الوطنية العربية، الدكتور «عباس الحبيب»، الأستاذ «حكمت المحمد»، والأستاذ «حكمت دواس»، أعضاء الأمانة العامة في الهيئة الوطنية العربية عن محافظة الحسكة، أعضاء المكتب التنفيذي في ائتلاف قوى التغيير السلمي المعارض، للإضاءة على تجربتهم الوليدة في محافظة الحسكة
كيف تقدم الهيئة الوطنية العربية نفسها، وما هي توجهاتها ومكوناتها؟
الهيئة الوطنية العربية تجمع اجتماعي فكري مستقل يضم الكفاءات والنخب الوطنية والعلمية، يعتمد هوية المواطنة دون اعتماد الأثنية المذهبية والقومية، يهدف إلى الإسهام في بناء وطن ديمقراطي تعددي. ويأخذ على عاتقه المشاركة العلمية الجادة في تقديم الطروحات الوطنية العامة لبناء دولة عصرية ديمقراطية تؤمن الحياة الحرة الكريمة للسوريين. نحن جزء من الحركة السياسية التي بدأت تظهر في الفضاء السياسي الجديد، الذي بدأ يظهر مؤخراً.
ما هي أهداف الهيئة الوطنية العربية؟
أهم ما تهدف إليه الهيئة الوطنية العربية ما يلي:
■ تحقيق المساواة بين أبناء الجزيرة السورية واعتبار المواطنة السورية هي المعيار والهوية الرئيسية للجميع.
■ توفير الأمن لمواطني الجزيرة والاستعداد لاستلام كامل المسؤولية الأمنية في الدفاع عن المنطقة.
■ توفير الفرص للمستقلين والكفاءات السورية في الجزيرة للمساهمة في بناء الوطن والمشاركة السياسية.
■ المحافظة على الحدود والبوابات السورية وجميع المنشآت النفطية والغازية والحيوية وكل ما نعتبره من مرفقات الدولة ملكاً للشعب.
■ العمل على إسهام المرأة الفعلي في البناء السياسي بما يحقق مشاركة حقيقية تتناسب مع أهميتها في المجتمع.
أما الثوابت الأساسية للهيئة فهي:
■ رفض وجود أي قواعد أجنبية على أرض الجزيرة تحت أي ظرف دولي أو إقليمي.
■ رفض عسكرة المجتمع والحراك الشعبي السلمي.
■ الالتزام بالطريق السلمي للتغيير الديمقراطي الجذري الحقيقي الشامل في سورية.
كما هو واضح من خلال وثائق الهيئة، فتجمعكم تشكّل في ظل ظروف الأزمة السياسية الشاملة التي تمر فيها سورية، برأيكم ما هي الأسباب التي دعت لتشكل هذا التجمع؟
بعد مرور فترة وجيزة على الحراك السلمي في سورية، ولدرء الخطر عن المنطقة التي نتواجد فيها (الجزيرة السورية)، وخشية من انقسام المجتمع وحصول الفتنة، قررنا تحمل مسؤوليتنا الأخلاقية والوطنية، فتم تشكيل هذا التجمع تحت عنوان «الهيئة الوطنية العربية» ليكون إطاراً جامعاً لمختلف الشرائح الاجتماعية لمنطقة الجزيرة وتحت راية التجمع، وذلك للمساهمة في الحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة ومنع أعمال التخريب والحفاظ على أمن واستقرار المنطقة والعمل على منع ضرب النسيج الاجتماعي والحيلولة دون تعريض البنية الاجتماعية لخطر التفكك والانقسام على أسس عرقية وطائفية...الخ، وأخيراً للمشاركة الفعالة في الحراك الشعبي السلمي على أرضية المطالبة بالتغيير الجذري الشامل بالطرق السلمية ورفض عسكرة الحراك وكل مظاهر العنف.
كيف تواصلتم كهيئة مع القوى المجتمعية الأخرى في المحافظة، وما هي آليات العمل التي اعتمدتموها في نشاطكم في مناطق تواجد الهيئة؟
انطلاقة الهيئة كانت في مدينة (القحطانية) لعدة أسباب تتعلق بتنوع نسيجها الاجتماعي وانسحاب كل مظاهر المؤسسات الأمنية والعسكرية منها... إلخ، فقمنا قبل كل شيء بالتواصل مع الهيئات والكتل المجتمعية الأخرى فيها، حرصاً منا على التشارك الديمقراطي مع مختلف هذه القوى في العمل والنشاط اللاحق، فكان اللقاء الذي تم بتاريخ 23/2/2013 في القحطانية بين (الهيئة الوطنية العربية- الهيئة الكردية العليا- الكتلة السريانية- الكتلة الايزيدية) فخرجنا بنهاية اللقاء بتوافق مشترك، وهو ما عبر عنه البيان الذي صدر بالتاريخ نفسه من خلال التوصل إلى عقد اتفاقية مشتركة نصت على ما يلي:
«نظراً لتطور الأحداث المتسارعة في سورية عموماً وفي محافظتتا خصوصاً (الحسكة)....، لتجاوز النفق المظلم وحل كافة القضايا والمشاكل الأمنية والخدمية، فقد ارتأت هذه المكونات الرئيسية بعد مشاورات واتصالات وبعد دعم الجهود المخلصة في هذا الجانب، من الآن فصاعداً إدارة شؤونها في المرحلة الراهنة الانتقالية وقررت ما يلي: تشكيل مجلس مشترك من 30 عضواً ينبثق من جميع القوى ... هذا المجلس يتكفل بوضع الحلول للمشاكل الاجتماعية والخدمية لأبناء المدينة قدر المستطاع وخاصة المشاكل التي تشكل خطراً على السلم الأهلي بالتوافق، وانطلاقاً من المصلحة العامة وقطع الطريق أمام المغرضين والمخربين»
فكان هذا أول عمل لنا كهيئة، ثم باشرنا بتشكيل مراكز في مدينة القحطانية، حيث قمنا بتشكيل المجالس (مجالس المدينة- مجالس الريف) المرتبطة مع بعضها البعض. فمجالس المدينة مرتبطة بمجلس واحد يشرف على عملها، مؤلف من 30 شخصاً منتخباً، من كل البنى القومية والدينية والمذهبية المتواجدة.
أما مجالس الريف، فقد تم تشكيلها في مناطق تواجدنا وهي مرتبطة بمجلس واحد يشرف على عملها بكل التفاصيل، مؤلف من 12 عضواً منتخبين، وقد تم تشكيل كل مجلس حسب المناطق ومكوناتها فمثلاً: هناك مجالس خاصة بالإخوة العرب، ومجالس خاصة بالإخوة الأكراد، وأيضاً توجد مجالس مشتركة بسبب تنوع النسيج الاجتماعي في هذه المنطقة المعنية.
والمجلس الموحد الذي ترتبط به مجالس الريف، مؤلف من 12 عضواً يشرفون على عمل هذه المجالس خدمياً وأمنياً، إضافة إلى متابعة كل الإشكالات التي تطرأ على عملها.
كما انبثقت عن مجلس المدينة (في القحطانية مثلاً) عدة لجان مختلفة الاختصاصات، فمثلاً اللجنة الأمنية مؤلفة من 6 أعضاء من انتماءات مختلفة، مكلفة بمتابعة الأمور الأمنية لهذه المناطق والتعاون والتنسيق مع الأهالي في إعادة الأمن والاستقرار لهذه المناطق ونزع كل مظاهر التسليح والعنف، دون أن تكون متعارضة مع الدور الإداري للجهات الرسمية.
كما شكلت في مناطق تواجدنا محاكم أهلية (قضاء شعبي) بالتوافق بين الأهالي لحل الخلافات والمسائل التفصيلية المتعلقة بالحياة اليومية لتسيير أمور الأهالي ولمنع تشكل حالة التوتر والاحتقان بينهم. فالقرار الصادر عن المحكمة الشعبية يطبق على الجميع وبدورها اللجنة الأمنية تلتزم بتنفيذه.
هل يمكن اعتبار تجربتكم الوليدة، شكلاً من أشكال الإدارة المحلية؟
تعتبر تجربتنا شكلاً من أشكال عمل الإدارة الذاتية الشعبية الحقيقية، فقد جرى التمثيل داخل المجالس عبر الانتخاب والتوافق حسب خصوصية كل منطقة وتركيبتها الاجتماعية، (حقيقة إلى حد هذه اللحظة العلاقات العشائرية هي السائدة في الكثير من المناطق). وما دفعنا إلى خوض هذه التجربة عدة أسباب:
ـــ ظروف الأزمة السياسية في سورية.
ـــ انسحاب مؤسسات الدولة (بشكل خاص الأمنية والخدمية) عن الكثير من المناطق.
ـــ الخوف من انتشار الفوضى وعمليات العنف المسلح.
ـــ حماية البنية الاجتماعية من مخاطر التفكك والانقسام.
ونتيجة لذلك ارتأينا العمل على تشكيل المجالس لملء الفراغ الخدمي والأمني ضمن آلية وقوالب محددة أقرب إلى قوالب الإدارة المحلية (الإدارة الذاتية) وآلية عملها، ولكن أكثر فعالية من عمل الإدارة المحلية بصيغتها الحكومية المقيّدة بالروتين والبيروقراطية وعمل المكاتب والعقلية الإقصائية لأي عمل شعبي. وبذلك أغلقنا الباب في وجه أعمال التسليح والعنف من أية جهة كانت (متشددي النظام والمعارضة)، وبالتوازي تم رفع سقف العمل السياسي السلمي الديمقراطي في الحراك الشعبي ورفض العسكرة ومظاهر العنف. بنشاطنا الحالي استطعنا توسيع رقعة تواجدنا في الجزيرة: (القامشلي- القجطانية- الجوادية- الرميلان-المالكية- أضف إلى ذلك الريف من الحدود الشمالية التركية إلى الجنوب بالقرب من الحدود العراقية)، ولا يزال عملنا مستمراً بتوسيع نشاطنا واعتماد آليات عمل جديدة تتناسب مع المستجدات الطارئة.
كيف تحددت علاقة الهيئة مع القوى السياسية الأخرى من خلال تجربتكم؟
في البداية كان هناك التباس حول موقفنا وعملنا بالنسبة للقوى الأخرى (متشددي المعارضة والنظام) لأننا أخذنا خطاً مغايراً يعبّر عن صوت الأغلبية الصامتة في المحافظة عبر الالتزام بالعمل السلمي المعارض الرافض لعسكرة الحراك والرافض للعنف من أية جهة كانت. إلا أنه بعد مرور فترة زمنية على عملنا، تغيّرت المعطيات، فنجاح تجربتنا في خلق شكل جديد من أشكال عمل الإدارة المحلية على المستويين الخدمي والأمني حقق توافقاً شعبياً على عملنا. مما خلق جواً من الارتياح في العمل مع الكثير من القوى في الأوساط الشعبية.
مؤخراً دخلتم كهيئة في عضوية ائتلاف قوى التغيير السلمي المعارض، ما هي الأسباب التي دفعتكم لمثل هذه الخطوة؟
أسباب هذه الخطوة تعود إلى اقتناع الهيئة الوطنية العربية ببرنامج وأهداف وآلية عمل الائتلاف، فالائتلاف يتوجه بخطابه السياسي إلى الأغلبية الصامتة في المجتمع ويعتمد الحل السلمي السياسي للأزمة السورية طريقاً وحيداً للخروج منها ولتحقيق التغيير الجذري العميق الشامل في سورية. كل هذه الأسباب هي التي عجّلت بدخولنا الائتلاف، فنحن جزء من هذه المعارضة الوطنية التي ترفع خيار الحل السلمي السياسي الرافض للعسكرة والعنف، والتي ترى في التغيير الجذري الشامل العميق تغييراً حقيقياً.
هل من كلام أخير توجهونه في نهاية هذا اللقاء؟
نتوجه بالشكر باسم الهيئة الوطنية العربية لصحيفة «قاسيون» لإتاحتها هذه الفرصة لنا للحديث عن تجربتنا وإبداء الرأي حول جملة قضايا تتعلق بعملنا ونشاطنا، ولرحابة صدركم في إيصال صوت الهيئة إلى الرأي العام. هذه لفتة كريمة ولكم كل الاحترام والتقدير. وأخيراً نقول: نحن متفائلون بقيام سورية الجديدة التي ستحقق طموحات الشعب السوري.