طلاب المدن الجامعية... معاناة ومخالفات ووعود الإدارة المعسولة!
حملوا كتبهم ومستلزماتهم الدراسية، وقطعوا بها مسافات طويلة إلى جامعاتهم، متناسين صعوبة الأوضاع الأمنية، في سبيل شق طريق المستقبل رغم المآسي
«خاطرت بحياتي رغم تردي الأحوال الأمنية على طرقات السفر، ظننت بأن المدينة الجامعية في اللاذقية التي أقطنها خلال العام الدراسي، ستهيئ لي أجواء دراسية أفضل من مكان سكني في دمشق، بعيداً عن أصوات الرصاص والتوتر هناك، لكن للأسف كانت المدينة الجامعية تفتقر لأدنى احتياجات الطالب الدراسية.»، بهذه الكلمات عبّر طالب الطب في جامعة تشرين «م،ع» عن معاناته التي لم تختلف عن باقي زملائه.
غرف صغيرة ومخالفات كثيرة
وفي شكوى تقدم بها بعض طلاب مبنى السكن الجامعي القديم في اللاذقية لصحيفة «قاسيون» تبيّن أن الجو العام هناك لا يساعد على الدراسة تحضيراً للامتحانات الحالية، في حين وجد القائمون على المدينة بحسب تصريحات صحفية أن «شكاوى الطلاب هذه مبالغ بها».
وتابع الطالب «م،ع» إن «الغرف في البناء القديم التي نُقلنا إليها عنوة بداية العام الدراسي، صغيرة جداً، ومع ذلك تم وضع 5 طلاب في كل غرفة، ما يعيق التركيز على الدراسة»، وأردف قائلاً «عند النوم، نعاني مشكلة ضيق المكان، لكننا ابتدعنا حلولاً، فقمنا بفك سرير ووضعه على الأرض لينام عليه طالبان معاً، كون الطالب الخامس لم يحصل على فراش للنوم، إلا أن هذا التصرف عرّضنا للغرامات المالية، وكل ما قامت به الإدارة هو ملاحقة حلولنا وإرهاقنا بكم المخالفات المالية بحجة العبث بالأثاث وعدم النظافة الذي كان نتيجة طبيعية لوجود 5 أشخاص في غرفة واحدة».
8 ساعات دون كهرباء مع الحشرات
بدوره، قال الطالب «م،ح» إنه «هناك خوف من انتشار الأمراض الجلدية المعدية واللشمانيا في السكن، فقد ملأت الغرف حشرات غريبة وكبيرة الحجم، ومع ذلك فالإدارة لم تعرنا أي اهتمام كأن تقوم برش المبيدات الحشرية في السكن القديم، وكل ما تقوم به هو تقليم الأعشاب كل فترة».
أما الطالب «ع.ب» فقد قال إنه «ترتبت علينا هموم جديدة فوق هم الدراسة والنجاح، فعدم توفر بقالية على الأقل تزودنا بالحاجيات الأساسية، يدفعنا لقطع مسافات طويلة خارج المدينة الجامعية يومياً لشراء هذه الحاجيات»، وأضاف «يتم قطع الكهرباء يومياً حوالي الـ8 ساعات، مايعيق دراستنا وتركيزنا، عدا عن سوء حال الغرف التي لا تليق للمعيشة، فقد تسقط علينا قطع من السقف، ومع ذلك نتعرض للمخالفات المالية إن وجد الغبار على الطاولات مثلاً».
مياه مقطوعة وطلاب محشورون
وبحسب شكاوى طلاب السكن الجامعي القديم في اللاذقية، فإن «المياه تنقطع بشكل متكرر، علماً أن كثرة الطلاب في الغرفة الواحدة خاصة في فصل الصيف، يتطلب عناية أكبر بالنظافة الشخصية وبشكل يومي».
وكانت إدارة المدينة الجامعية باللاذقية، قد أصدرت بداية العام الدراسي الحالي، قراراً ينص على إعادة توزيع وحدات السكن الجامعي وفق ترتيب جديد، اعتبره الطلاب إجحافاً كبيراً بحقهم، وبحسب الشكاوى، فقد حشر طلاب من السنوات الثانية وما فوق داخل 3 وحدات قديمة جداً خارج الحرم الجامعي، مقابل تخصيص جميع الوحدات داخل الحرم الجامعي للطلاب المستجدين.
ووفقاً لطلاب السكن، فإن غرف الوحدات السكنية التي نقلوا إليها، صغيرة، ولا تتناسب مع عددهم، عدا عن عدم قبول جميع المتقدمين بطلبات الإقامة، ما أجبر الكثير منهم إلى الاستئجار خارج المدينة الجامعية رغم أحوالهم المادية الصعبة.
تفاوت طلابي وغرف 5 نجوم في دمشق
في المدينة الجامعية بدمشق، كانت الأوضاع المعيشية أقل سوءاً من اللاذقية، إلا أن الطلاب لم يكونوا بمعزل عن المشاكل التي قد تزيد هموهم اليومية ما يعيق تركيزهم فترة الامتحانات الحالية، وبحسب الشكاوى التي وردت إلى «قاسيون» فإن «طلاب السكن الجامعي بدمشق يعانون انقطاع المياه الساخنة التي لا تتوفر سوى مرتين في الأسبوع، عدا عن مشكلة نظافة المغاسل والحمامات، وانقطاع الكهرباء».
وقالت إحدى طالبات الماجستير «ب.ك» إنه «هناك أفضلية واضحة للطلاب العرب في المدينة الجامعية بدمشق، فسكن الطلبة العرب مهيأ بكل مستلزمات الراحة، فلا توجد أية أمور ممنوعة بالنسبة اليهم، وهم ينعمون برفاهية فنادق الـ5 نجوم، لديهم أجهزة تلفاز وسخانات ومياه متوفرة ومراوح»، وتابعت الطالبة «يقطن كل غرفة من غرف العرب، 2 أو 3 طلاب فقط، بينما يحشر حوالي الـ5 طالبات في الغرفة الواحدة بباقي الوحدات السكنية ما يؤثر على التركيز أثناء الدراسة».
على الطلاب الشعور بالمسؤولية!
وفي العودة إلى السكن الجامعي في اللاذقية، فقد قال نائب رئيس جامعة تشرين للشؤون الإدارية أحمد كلزية في تصريح لإحدى الإذاعات السورية، إن «شكاوى طلاب السكن الجامعي مبالغ بها» مؤكداً أن «إدارة المدينة والجامعة تتابع جميع المشاكل في وقتها». وأكد كلزية أن «أبنية السكن الجامعي التي اشتكى منها الطلاب قديمة»، مشيراً إلى أن «إدارة المدينة تقوم بمتابعة وصيانة الأعطال بشكل فوري».
ورغم تأكيده على قدم البناء في السكن، إلا أن ذلك لم يمنع كلزية من مطالبة الطلاب «بالشعور بالمسؤولية للحفاظ على الأملاك العامة»، مشيراً إلى أنه «في عدة جولات قامت بها الإدارة لوحظ تراكم الأوساخ في قاعات المطالعة».
وأضاف «الماء الساخن لا يصل إلى جميع الطوابق، لأن بعض الطلاب لا يرشدون استخدامها، ما قد يحرم البقية منها». وعن انقطاع التيار الكهربائي حوالي 8 ساعات يومياً عن السكن، نوه كلزية خلال حديثه للإذاعة بأنه قام بتدوين الملاحظة إشارة إلى نيته متابعتها ومعالجتها.
وحدات سكنية جديدة تحل الأزمة
وفيما يتعلق بعدم تخديم السكن ببقالية لتوفير مستلزمات الطلاب، لم يعلّق كلزية على ذلك بشكل مباشر، مكتفياً بقوله إن المدينة الجامعية الجديدة تحوي على كل شيء ويمكن اللجوء إليها عند الحاجة، أما عن كثرة الحشرات الضارة، فقد أكد بأن إدارة المدينة تقوم برش المبيدات الحشرية بشكل مستمر إلا أنه وبحسب تعبيره «يبدو أن أعداد الحشرات هذا العام كبير»!!
ولحل مشكلة أعداد الطلاب الكبيرة وضيق المكان، قال كلزية إنه «يتم حالياً العمل على بناء وحدة سكنية جديدة داخل الحرم الجامعي تحمل الرقم 19، في حين وضعت خطة لبناء وحدة سكنية كل عامين في اللاذقية وطرطوس، لاستيعاب أكبر عدد ممكن من الطلاب.
لسان حال الطلاب يقول للجهات المعنية: تعبنا من وعودكم المعسولة، ومن تبريراتكم، مشكلتنا تتطلب حلولاً عاجلة، فهل من مجيب؟