القامشلي.. (بابا نويل) كان حاضراً
قحطان العبوش قحطان العبوش

القامشلي.. (بابا نويل) كان حاضراً

نجح «بابا نويل» محلي من مدينة القامشلي بسرقة لحظات من الفرح وتقديمها لعدد من أطفال المدينة الغارقة في ظلام دامس وبرد قارس، وقدم بعض الهدايا البسيطة في بادرة إنسانية ووطنية لا تحمل أي مدلول تجاري أو سياسي

رغم كل الأسى على وجوه الناس هناك، ورغم أن مساحات الفرح ضاقت كثيراً، مرّ (بابا نويل) بالقامشلي، تلك المدينة النائية في أقصى الشمال الشرقي من البلاد، والتي تدفع فاتورة الأزمة مثلها مثل غيرها من مدن سورية.

إصرار على الفرح والاحتفال

وبجهود شخصية من بعض الأصدقاء وأبناء الحي وتبرعات أبناء المدينة المغتربين، تقمص الكثير من الشباب شخصية «سانتا كلوز» وبدؤوا بزيارة المنازل وتقديم الهدايا للأطفال، في وقت غابت فيه كل تفاصيل احتفالات أعياد الميلاد المميزة التي كانت تشهدها المدينة قبل الأزمة التي تشهدها البلاد.
وشوهد «بابا نويل» على دراجة كهربائية يزور المنازل في مشهد يعكس إصراراً شعبياً على تقديم ما أمكن من الفرح لأطفال المدينة، التي تغيب عنها كل الخدمات الأساسية، وتشهد ارتفاعاً جنونياً للأسعار أجبر الأسر على تحويل نفقات الأعياد لمصلحة قوائم الطعام والدفء.
وركب عدد من أعضاء مركز «بارمايا للثقافة والفنون السريانية» بالقامشلي في سيارة سوزوكي حاملين بعض الهدايا البسيطة وجابوا عدداً من المنازل بينما يلوح لهم الأهالي على الطرقات في مشهد نادر للاحتفال والفرح الذي غاب طوال العام 2013.

أزمات مستمرة..

وتصنف القامشلي كمدينة آمنة، لكنها تغيب عن أي اهتمام حكومي، حيث تصل ساعات التقنين الكهربائي في أحسن الأحوال إلى 20 ساعة انقطاع، ولا تنتهي أزمة انقطاع مياه حتى تبدأ أخرى، وارتفاع أسعار السلع الأساسية ضعف ما هو في دمشق، ومازوت التدفئة ينتج في مصافي محلية بسعر مقبول لكنه غير متوفر، كما أن بنزين السيارات يباع في الشوارع بسعر 250 ليرة لليتر الواحد، فيما تبيع محطات المحروقات نوعيات رديئة منتجة محلياً بأسعار مختلفة.
ولا يرتبط «بابا نويل» في القامشلي غالباً بأي مؤسسات تجارية لبيع هدايا الأطفال كما هو متبع في الغرب، ولا يمكن التواصل معه لحجز هدية، وهو في الغالب مبادرة شخصية من شباب المدينة، يعتمدون البساطة والتعاون لتقديم الفرح.
ومبادرة «بابا نويل» الأهلية بامتياز، واحدة من كثير من النشاطات الأهلية والشبابية التي لم تغب عن المدينة طوال أيام الأزمة السورية الثقيلة، وقبل أيام شهدت المدينة احتفالاً بالأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، كما تكفل أهالي بعض الأحياء بشراء مازوت تدفئة للمدارس في أحيائهم.


مبادرات أهلية..


وفي المدينة متنوعة الثقافات، حرص «بابا نويل» على زيارة الجميع دون تمييز في جو سياسي وإعلامي عام يروج للحرب والاقتتال الطائفي، ليعكس رغبة شعبية في السلام والعيش المشترك في الوطن الواحد.
وكثير من الشركات الخاصة التي كانت تمول الاحتفالات وهدايا «بابا نويل» قبل الأزمة أغلقت أبوابها وتوقفت عن العمل، ولاسيما شركات النقل وتحاول بعضها المساندة بعض الشيء في تقليد اعتادت عليه في السنوات الماضية، وتعد الطائرة وسيلة النقل الوحيدة للوصول إلى دمشق حالياً.
وتوقفت سيارة السوزوكي في الطريق ونزل «بابا نويل» ليقدم هدية لطفل نازح من مدينة حلب برفقة أهله، قبل أن تتابع سيرها في شوارع المدينة التي عرفت بأكبر احتفالات تنظم في أعياد الميلاد على مستوى البلاد.