من الذاكرة : الأمل يعمر القلوب
حين تناغي سمعك، أو تشع مد عينيك أبيات من مثل قول الشاعر المرهف الرفيق رياض أبو جمرة :
«ذهبوا... ما ذهبوا!
فنجومهم ألق وشموعهم شهب
وكلامهم نسم وسكوتهم كتب
ضحكاتهم هجرت.. أبداً فما عتبوا
ودموعهم هطلت.. فتغسلت هضب
وتألقت جزر وتناثرت سحب»
تزداد قناعة أن تكريم المناضلين أحياء وراحلين هو تكريم لإنسانية الإنسان.. تكريم للإنسانية جمعاء، وهذا لعمري إقرار حق وصدق، وهو شهادة لمن شارك في التكريم أنه أدى قسط وفاء وعرفان، وما دفعني إلى قولي هذا هو حفل تكريم المناضلة جميلة بوحيرد قبل عشرة أيام، وكان اللافت تلك النفحات الوطنية التي ردت للنفوس انتعاشها وانتشاءها وعزتها، ومنها القصيدة التي أنشدها الشاعر الفلسطيني سميح القاسم للجميلات المناضلات وقصيدة الشاعر غسان مطر، والكلمة الآسرة لابنة المناضل الأممي الثوري تشي غيفارا.
لقد غمرني كما غمر كل من تابع الحفل فيض من الأمل بأن النضال ماكث في خلايا الوطنيين رغم كل ما أصاب ويصيب الوطن من حرب وظلم وألم. وأعادني شريط الذكريات إلى حدثين بينهما أعوام أربعة: الأول عام 1958 يوم أدت المطربة الشابة وردة الجزائرية رائعتها في نادي الضباط بدمشق في تمجيد صمود جميلة بوحيرد في وجه ظلام السجن وظلم السجان، يومها تقدم الوطني المعروف فخري البارودي من المطربة وقبل جبينها ووضع في يدها ظرفاً يحوي راتبه الذي استلمه قبل ساعات، هدية لها: وقد شكرته على إعجابه وحماسه وأعادت إليه الظرف مع أرق عبارات الاحترام.
الثاني يوم اندفعت مع الرفاق لنشارك جموع الوطنيين في استقبال البطلة المحررة جميلة بوحيرد قرب قصر الضيافة وهتافاتنا تهدر مدوية ممجدة النضال والمناضلين ومحيية الجزائر الحرة.
ومنددة بالاستعمار والصهيونية والرجعية.