جلسة مصارحة في طرطوس : «الكارثة الإنسانية» على طاولة الجهات المعنية وخلافاتهم
محمد سلوم محمد سلوم

جلسة مصارحة في طرطوس : «الكارثة الإنسانية» على طاولة الجهات المعنية وخلافاتهم

نتيجة لتراكم التساؤلات والشكاوى بحجب المساعدات عن الكثير من الفقراء بالرغم من الكميات الزائدة، ونتيجة لتخبط وتشابك وتداخل التوصيات والقرارات والاتصالات ما بين المحافظة ووزارة الشؤون الاجتماعية والهلال الأحمر وجمعية «البتول» والجمعيات الأخرى، ولغياب الوضوح بين المحافظة ووزارة الشؤون الاجتماعية تم دعوة رئيس الهلال الأحمر، ورئيسة جمعية البتول، لمناقشة الشكاوى والعمل على إيجاد آلية سليمة وميسرة بين المحافظة والشؤون والهلال، وذلك في الاجتماع المنعقد بتاريخ 12/11/2013 في المحافظة.

خلال جلسة الاجتماع تحدث رئيس فرع الهلال الأحمر عن عدد العائلات التي قاموا بتسجيلها، والتي بلغت أكثر من /30/ ألف عائلة، والتي كان من المفترض أن تقوم الوحدات الإدارية بهذا العمل وفق تعميم رئاسة الوزراء، فالوحدات الإدارية منتشرة في كل بقعة جغرافية وكان عليها تسجيل الوافدين من خلال عقد الإيجار ودفتر العائلة، والهلال يعتمد هذا التسجيل، ونتيجة عدم تعاون الوحدات الإدارية اتجه كل الوافدين إلى الهلال الأحمر.
وأمام هذا العدد الكبير من الوافدين والعدد الصغير من الموظفين- والكلام لرئيس الهلال الأحمر، حدث خرق فوق الإمكانية والإرادة، فهناك من أخذ أكثر من بطاقة، وهناك من استثمر الازدحام أثناء التوزيع وزور البطاقة، ومنهم من وضع المال داخل البطاقة ورفضها الموظف، والبعض ذهب إلى محافظة أخرى واستلم إعانة على عدة بطاقات يملكها، ومنهم من تنكر بلباسه ودخل بين الوافدين وسلمناه للجهات المختصة..، هؤلاء أبناء محافظاتنا أتوا مع أخلاقياتهم والكل تصرف حسب تربيته وأخلاقه لذلك هناك من قام ببيع مخصصاته الزائدة في السوق، وهناك قرارات متناقضة تذهب من المحافظة إلى الوحدات الإدارية ، وتذهب الكثير من الطلبات إلى الهلال للمساعدة دون أي ثبوتيات.
ونتيجة لعدم معرفة دور الهلال الأحمر بأنه منظمة أهلية وغير حكومية ومحكوم بتنفيذ بنود الاتفاقيات الدولية جعل التناقض قائماً بشكل دائم مع المحافظة أحياناً ومع وزارة الشؤون الاجتماعية مرة أخرى، ومع جهات تشعر بأن لديها الحق بالتدخل.

إشكالات عالقة..

من الإشكالات التي طرحت للنقاش في الاجتماع، أن الهلال الأحمر أصدر بطاقات إغاثة دون التنسيق مع أحد- المحافظة تبعث بطلبات المساعدة لعدة جمعيات لكن مع طول الأزمة نضبت هذه الجمعيات- المحافظ شكل لجنة إغاثة ممثلة من الحزب والبلدية وشيوخ ووجهاء- هناك كتب وطلبات تقدم من المحافظة وبأعداد كبيرة جداً- والعائلة الواحدة تقدم عدة طلبات وكل هذه الأخطاء والتشابكات تقع على صدور العاملين في الهلال الأحمر- يوجد في مستودع الشؤون /50/ ألف بطاقة لتوحيد العمل بها لكن الوزيرة طلبت من الشؤون التريث للتنسيق أكثر مع الهلال الأحمر الدولي- لم يطرق باب الهلال الأحمر عضو مجلس محافظة للاستفسار عن شيء خلال كل هذه الأزمة- هناك موظفو بلدية بالكامل وأهالي قرية بالكامل تقريباً سجلوا أسماءهم للحصول على مساعدات من جمعية البتول- إضافة إلى إشكالية الشهداء والجرحى والمصابين والمخطوفين، هل يستحقوا مساعدات دائمة من الهلال وفق بنود الاتفاقية الدولية للمستفيدين أم فقط مساعدات سلة إسعافية...الخ.
منذ بدء الأزمة حتى الآن لم تتشكل لجنة لإدارة الأزمة ومناقشة الوضع مما يعني بأن هناك من أراد وله مصلحة بذلك باستمرار الوضع على حاله وعدم تنظيمه. إضافة إلى أن تجربة العمل النبيل بين مجلس المحافظة والهلال وجمعية «البتول» التي كانت توصل المساعدات لمستحقيها أوقفت في منتصف الطريق وتم عرقلتها، «لا نعرف من هي الأشباح غير المرئية التي تعرقل عمل جهة مسؤولة».

حلول قيد «الدراسة»!

تعالت الأصوات من عدة جهات في الاجتماع بأن هناك من يعرقل تنظيم العمل في عملية توزيع المساعدات لمستحقيها، ونتيجة لتداخل الجهات المعنية بذلك وكل جهة تلقي المسؤولية على الأخرى، والإقرار بأن كمية المساعدات كبيرة لكن التوزيع بحاجة إلى تنظيم أكثر، وفي لحظة مناقشة هذه الأمور أدخل إلى المجلس الأمر الإداري رقم /83/ من السيد المحافظ دون توقيع، وينص على إعداد جداول شهرية من خلال استمارات الوحدات الإدارية وبعثها للهلال، وإعداد لجان نظامية للإشراف، ويحدد موعد لتسليم الأسر..
في حين وضّح رئيس فرع الهلال الأحمر بأن مواد المساعدات مرسلة من الأمم المتحدة، وهي لا تتعامل إلا مع المنظمات الأهلية، ونحن لن نخرج عن بنود الاتفاقيات الدولية، و«نحن الوحيدون من بين أربع عشرة محافظة مازلنا متماسكين، ويوجد لدينا 500 متطوع للعمل في كل الظروف، ولكي نتخلص من هذه العراقيل يجب- وطالبنا سابقاً- بإصدار بيانات وأتمتة العمل من خلال إصدار بطاقة موحدة بعد أن تقوم الوحدات الإدارية بحصر وتحقق من الأسر الوافدة ثم ترسل إلى وحدة إدخال البيانات في المحافظة حاسوبياً ويصبح هناك تشبيك بين الجمعيات في هذه المحافظة والجمعيات في المحافظات الأخرى، أما الأسر الوافدة حديثاً فهناك سلات إسعافية إلى أن يتم تسجيل البيانات».

دورٌ مفرّغٌ من مضمونه

وبعد كل ما تقدم ذكره ومع اقتراب دخول الأزمة في البلاد عامها الثالث، هل لدى المواطنين المتضررين متسع من الوقت بعد لأن ينتظروا نتائج ملموسة لمناقشة وطرح حلول افتراضية من الجهات المعنية، في الوقت الذي تتعامل فيه هذه الجهات مع منظمات دولية من المفترض أن يكون لديها تجارب فاعلة مع دول أخرى متعددة؟! وهل حجم الكارثة الإنسانية التي ألمت بالمواطنين ينتظر بعد عقد اجتماعات دورية بين الجهات المعنية للوصول إلى توافقات وتنظيم العمل بينها؟!
وهل استطاعت هذه الجهات المعنية من (حكومية ومنظمات أهلية) أن تثبت أنها بالملموس على قدر كبير من المسؤولية في التعاطي مع احتياجات المتضررين ومنكوبي الأزمة في المحافظات السورية والتخفيف من معاناتهم، أم أن دورها لم يتعد الظهور الإعلامي المفرغ من مضمونه؟!